بعد الكارثة
يا وطني ، مالك يخني على | روحك معنى الموت ، معنى العدم |
أمضّك الجرح الذي خانه | أسأته في المأزق المحتدم |
جرحك ؛ ما أعمق أغواره | كم يتنزّى تحت ناب الألم |
أين الألى استصرختم ضارعاً | تحسبهم ذراك والمعتصم |
ما بالهم قد حال من دونهم | ودون مأساتك حسٌ أصم |
قلبّت فيهم طرف مستنجد | فعزّك المندفع المقتحم . . . |
واخلجتا ! حتّام أهواؤهم | تغرقهم في لجّها الملتطم!! |
هم الأنانيون . . قد أغلقوا | قلوبهم دون البلاء الملم |
لا روح يستنهض من عزمهم | لا نخوة تحفزهم ، لا همم ! |
أحنوا رقاب الذل ، يا ضعفهم | واستسلموا للقادر المحتكم |
يا هذه الأقدار لا ترحمي | فرائس الضعف ، بقايا الرمم |
بالمعول المحموم أهوي على | تلك الجذوع الناخرات الحطم |
كوني أتياً عارماً واجرفي | كل ضعيف الروح ، واهي القدم |
كوني كما شئت ، لظىً يغتلي | أو عاصفاً يقذف حمر الحمم |
واكتسحي أنقاض هذا الحمى | من كل ركن خائرٍ . . منهدم |
اكتسحيها وانفضي أمّتي ممّا | علاها من رماد القدم ! |
ستنجلي الغمرة يا موطني | ويمسح الفجر غواشي الظلم |
والأمل الظامىء مهما ذوى | لسوف يروى بلهيب ودم |
فالجوهر الكامن في أمتي | ما يأتلي يحمل معنى الضرم |
هو الشباب الحر ، ذخر الحمى | اليقظ المستوفز المنتقم |
غلّوا جناحيه وقالوا : انطلق | وشارف الأفق وجز بالقمم |
واستنهضوه لاقتحام اللظى . . | والقيد ، ياللقيد ، يدمي القدم |
لكن للثأر غداً هبّةً | جارفة الهول ، عصوفاً عمم |
فالضربة الصماء قد ألهبت | في كل حرٍ جذوةً تضطرم |
لن يقعد الأحرار عن ثأرهم | وفي دم الأحرار تغلي النقم ! |
مع لاجئة في العيد |
|
أختاه ، هذا العيد رفّ سناه في روح الوجود |
|
وأشاع في قلب الحياة بشاشة الفجر السعيد |
|
وأراك مابين الخيام قبعت تمثالا شقيا |
|
متهالكاً ، يطوي وراء جموده ألماً عتيّا |
|
يرنو الى اللاشيء . . منسرحاً مع الافق البعيد |
|
أختاه ، مالك إن نظرت الى الجموع العابرين |
|
ولمحت أسراب الصبايا من بنات المترفين . . |
|
من كل راقصة الخطي كادت بنشوتها تطير |
|
العيد يضحك في محيّاها ويلتمع السرور |
|
أطرقت واجمة كأنك صورة الألم الدفين ؟ |
|
أختاه ، أيّ الذكريات طغت عليك بفيضها |
|
وتدّفعت صوراً تثيرك في تلاحق نبضها |
|
حتى طفا منها سحاب مظلم في مقلتيك |
|
يهمي دموعاً أو مضت وترجرجت في وجنتيك |
|
يا للدموع البيض ! ماذا خلف رعشة ومضها؟ |
|
أترى ذكرت مباهج الاعياد في (يافا) الجميلة ؟ |
|
أهفت بقلبك ذكريات العيد أيام الطفوله؟ |
|
اذ أنت كالحسون تنطلقين في زهوٍ غرير |
|
والعقدة الحمراء قد رفّت على الرأس الصغير |
|
والشعر منسدلٌ على الكتفين ، الجديلة ؟ |
|
إذ أنت تنطلقين بين ملاعب البلد الحبيب |
|
تتراكضين مع اللّدات بموكب فرح طروب |
|
طوراً الى ارجوحة نصبت هناك على الرمال |
|
طوراً الى ظل المغارس في كنوز البرتقال |
|
والعيد يملأ جوّكن بروحه المرح اللعوب ؟ |
|
واليوم ؛ ماذا اليوم غير الذكريات ونارها ؟ |
|
واليوم ، ماذا غير قصة بؤسكنّ وعارها |
|
لا الدار دارٌ ، لا ، ولا كالأمس ، هذا العيد عيد |
|
هل يعرف الأعياد أو أفراحها روحٌ طريد |
|
عان ، تقلبّه الحياة على جحيم قفارها ؟ |
|
أختاه ، هذا العيد عيد المترفين الهانئين |
|
عيد الألى بقصورهم وبروحهم متنعمين |
|
عيد الألى لا العار حرّكهم ، ولا ذلّ المصير |
|
فكأنهم جثث هناك بال حياة او شعور |
|
أختاه ، لا تبكي ، فهذا العيد عيد الميّتين! |