www.omferas.com
شبكة فرسان الثقافة

بورِكَ الشعب العظيم/الاديب عدنان كنفاني

0

بورِكَ الشعب العظيم عدنان كنفاني المتمسكون بنظرية السلام عبر المفاوضات، الراكعون في محاريب الصهاينة والأمريكان والأوربيين

بورِكَ الشعب العظيم

عدنان كنفاني

 

المتمسكون بنظرية السلام عبر المفاوضات، الراكعون في محاريب الصهاينة والأمريكان والأوربيين، القابضون على حناجر شعوبهم بالنار والقهر والفُجر، الشاهرون سكاكينهم لقطع أيادي وأرجل من يطلب لقمةً يقتات فيها تقيمه على الحياة، المدججون بالدولارات والسلاح لقمع شعوبهم وطليعة المقاومين، والصرف على مؤسساتهم الاستخباراتية والقمعية، وتزويد العدو بكل معلومة تدلل على مقاوم ولو بالكلمة والبحّة والنظرة..

أنتم شركاء في الجريمة، فكل تلك المقدمات، أوصلت إلى هذه النتائج.

التنازل والتفريط والاستسلام، والخضوع لإملاءات الرعيان الأمريكان، والتمسك بالمفاوضات على أنها السبيل الوحيد (الممكن) لتحقيق السلام مهما طال زمن التفاوض والتفريط ومهما جرى من تفتيت للأرض والأمكنة والبشر والحجر والشجر.

اللاهثين وراء تقبيل الوجنات واللحى، والعناقات الحميمة مع مصاصي دماء الشعوب، الموغلين في دماء أهلنا في كل مكان، المشاركين في فرض الحصار بكل أشكاله وألوانه على الفلسطينيين في كل مكان، الموافقين على إقامة علاقات تطبيعية ودبلوماسية مع الصهاينة، الفاتحين بوابات وعمارات ومطارات بلادهم لتسهيل تحركات الإسرائيليين تجسساً وترفيهاً وتطبيعاً، العاشقين حضور المؤتمرات وتوقيع الاتفاقيات وتخطيط المؤامرات، كلها أسباب ومقدمات أوصلت إلى هذه النتائج.

فهل أدركتم أيها المستعربون “ونحن منكم براء” من هو ذلك الذي تتعاونون معه.؟

هذا المصير الدموي هو ما ينتظركم أيضاً مهما طال الزمن، ليس بأيدينا، ولكن بأيدي حلفاؤكم الذين تعملون على حمايتهم بالدم الروح، والذين يُملون عليكم التنكر لأهلكم وذويكم.

بالأمس كانت ليفني في القاهرة، واجتمعت مع أعلى هرم السلطة في مصر، وأعلنت على منبرها العربي وهي إلى جانب ممثل الخارجية المصرية: أن شعب غزة سيدفع الثمن.!

وقبل الأمس كان غيرها في عمّان.. وغيرها في أنقرة.. وغيرها بالخفاء في الرياض.. والتصريحات النارية والتهديدات العصبية تنهال على شعب غزة.. والتطمينات أيضاً تنهال مشبوهة على الصامدين في غزة أن الأمور بخير ولن يجري أي عدوان، إلى أن وقعت الواقعة، والكل صامت واجم يسمع وينتظر.. فكيف يمكن لعاقل أن يفسّر الأمر.؟

نحن نعلم أن الحركة الاستباقية بإدخال عدد من الشاحنات مساعدات من مصر لأهل غزّة في اليوم السابق للمجرزة، والإعلان عن فتح معبر رفح أمام الجرحى، ودخول سيارات الإسعاف للقطاع، ما هو إلا جهد رسمي مصري خبيث لامتصاص غضب الشارع المصري الشريف، ونعلم أن البيانات التي تصدر من هنا وهناك، من تلك الدول التي آثرت التطبيع والتعاون والتحالف مع الصهاينة ومع المشروع المضاد، أصوات شاجبة من أولئك الذين سهلوا مهمة قصف القطاع وإيقاع المجزرة فيه، ما هي إلا حقن تخدير ليصمت الشارع العربي عن سلوكهم المشين، فلو كانت التصريحات التي بدأت تتصاعد من حكومة مصر أن لا علم لهم بما خطط له الصهاينة، فالمصيبة أكبر، فها هم أصدقاؤكم “الصهاينة” أيها الحكّام في مصر يمارسون عليكم أقصى درجات الاستغباء، ويضعونكم في طاحونة المساءلة الشعبية، ويصمونكم بمزيد من العار والذل والعمالة..

وإذا كان ما يجري بمباركة منكم، فانتظروا حكم الشعب والتاريخ.

نحن لا نعتب على العدو، فهو عدو بكل المعايير الأخلاقية والإنسانية، ونتوقع منه كل ما طُبع عليه من غدر وشهوة قتل وإلغاء لإنسانية الآخرين، لكننا ندين بكل جوارحنا من يتعاون معهم ممن يدعون أنهم أبناء قربى وينطقون بالضاد.

أما ذلك الصنم الألعوبة القابع في المقاطعة ورهطه الفاسدين فهم اللعنة، ولو كان أحد منهم يملك ذرة من كرامة وحسّ إنساني أو وطني فليتنحى عن كرسي الحكم، وليخرج من جلدنا ودمنا، فنحن شعب فطرنا على العطاء، وفطرنا على حب الحياة والأرض، فاتركونا وغادروا صدورنا، فقد أثقلتمونا ظلماً وذلاً وعاراً.

أما أنت يا شعب فلسطين العظيم فلك الله في مسيرتك، ولك الله في جوعك وتحملك وصمودك، ولك الله في أنك في صف المواجهة الأول تدفع عنا جميعاً ضريبة البقاء والحياة.

بوركت يا شعبي العظيم وأنت تقبض على جراحك وتأبى أن تحنى رأسك تحت ضربات الغدر والخسّة، بوركت الرجال والنساء والشيوخ والأطفال وهم يمثّلون أبهى أنموذج سيبقى علامة نور على جبين التاريخ.

بورك الشهداء وهم يرتقون إلى العلياء يحملون شرف صمودهم وبذلهم وتضحياتهم، وبوركت جراحات الجرحى، وآهات الأرامل والثكالى، وأنات المقهورين، ورجفات الأطفال المذعورين.

وليسمع العالم.. كل العالم إننا ههنا باقون، كنا البناة والمؤسسين، وسنبقى على هذه الأرض، وسنقتلع من فم القوّة قيم بقائنا، وإن ما يجري رغم قسوته، والألم الذي سكن في قلوبنا وحلوقنا، سيكون زاداً جديداً يعبئ أجيالنا بالحقد انتظاراً ليوم الثأر، فالويل لكم من ذلك اليوم الآتي مهما طال الزمن.

 

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.