مَضَى اللَّهْوُ، إِلاَّ أَنْ يُخَبَّرَ سَائِلُ
مَضَى اللَّهْوُ، إِلاَّ أَنْ يُخَبَّرَ سَائِلُ | وَوَلَّى الصِّبَا إِلاَّ بَوَاقٍ قَلاَئِلُ |
بواقٍ تماريها أفانينُ لوعة ٍ | يورثها فكرٌ على النأي شاغلُ |
فللشوقِ منى عبرة ٌ مهراقة ٌ | وَخَبْلٌ إِذَا نَامَ الْخَلِيُّونَ خَابِلُ |
أَلِفْتُ الضَّنَى إِلْفَ السُّهَادِ، فَلَوْ سَرَى | بِيَ الْبُرْءُ غَالَتْنِي لِذَاكَ الْغَوَائِلُ |
فللهِ هذا الشوقُ ! أيَّ جراحة ٍ | أسالَ بنا ؟ حتى كأنا نقاتلُ |
رضينا بحكمِ الحبَّ فينا ، وَ إننا | للدٌّ إذا التفتْ علينا الجحافلُ |
وَإِنّا رِجَالٌ تَعْلَمُ الْحَرْبُ أَنَّنَا | بنوها ، وَ يدري المجدُ ماذا نحاولُ |
إذا ما ابتنى الناسُ الحصونَ ، فمالنا | سِوَى الْبِيضِ وَالسُّمْرِ اللِّدَانِ مَعَاقِلُ |
فما للهوى يقوى عليَّ بحكمهِ ؟ | أَلَمْ يَدْرِ أَنِّي الشَّمَّرِيُّ الْحُلاَحِلُ؟ |
وَ إني لثبتُ الجأشِ ، مستحصدُ القوى | إذا أخذتْ أيدي الكماة ِ الأفاكلُ |
إِذَا مَا اعْتَقَلْتُ الرُّمْحُ وَالرُّمْحُ صاحِبِي | عَلَى الشَّرِّ قَالَ الْقِرْنُ: إِنِّي هَازِلُ |
لَطَاعَنْتُ حَتَّى لَمْ أَجِدْ مِنْ مُطَاعِنٍ | وَنَازَلْتُ حَتَّى لَمْ أَجِدْ مَنْ يُنَازِلُ |
وَشَاغَبْتُ هَذَا الدَّهْرَ مِنِّي بِعَزْمَة ٍ | أَرَتْنِي سَبِيلَ الرُّشْدِ وَالْغَيُّ حَائِلُ |
إذا أنتَ أعطتكَ المقاديرُ حكمها | فأضيعُ شيءٍ ما تقولُ العواذلُ |
وَمَا الْمَرْءُ إِلاَّ أَنْ يَعِيشَ مُحَسَّداً | تَنَازَعُ فِيهِ النَّاجِذَيْنِ اْلأَنَامِلُ |
لَعَمْرُكَ مَا الأَخْلاَقُ إِلاَّ مَوَاهِبٌ | مقسمة ٌ بينَ الورى ، وفواضلُ |
وَ ما الناسُ إلاَّ كادحانِ : فعالمٌ | يسيرُ على قصدٍ ، وَ آخرُ جاهلُ |
فذو العلمِ مأخوذٌ بأسبابِ علمهِ | وَذُو الْجَهْلِ مَقْطُوعُ الْقَرِينَة ِ جَافِلُ |
فلا تطلبنْ في الناس مثقالَ ذرة ٍ | مِنَ الْوُدِّ؛ أُمُّ الْوُدِّ فِي النَّاسِ هابِلُ |
منَ العارِ أن يرضى الفتى غيرَ طبعهِ | وَأَنْ يَصْحَبَ الإِنْسَانُ مَنْ لاَ يُشَاكِلُ |
بَلَوْتُ ضُرُوبَ النَّاسِ طُرّاً، فَلمْ يَكُنْ | سوى ” المرصفى َّ ” الحبرِ في الناس كاملُ |
همامٌ أراني الدهرَ في طيَّ برده | وَفَقَّهَنِي حَتَّى اتَّقَتْنِي الأَمَاثِلُ |
أخٌ حينَ لا يبقى أخٌ ، ومجاملٌ | إذا قلَّ عندَ النائباتِ المجاملُ |
بعيدُ مجالِ الفكرِ ، لوْ خالَ خيلة ً | أَرَاكَ بِظْهَرِ الْغَيْبِ مَا الدَّهْرُ فَاعِلُ |
طَرَحْتُ بَنِي الأَيَّامِ لَمَّا عَرَفْتُهُ | وَ ما الناسُ عندَ البحثِ إلاَّ مخايلُ |
فلوْ سامني ما يوردُ النفسَ حتفها | لأَوْرَدْتُهَا؛ وَالْحُبُّ لِلنَّفْسِ قَاتِلُ |
فَلاَ بَرِحَتْ منِّي إِلَيْهِ تَحِيَّة ٌ | تناقلها عني الضحى والأصائلُ |
وَ لا زالَ غض العمرِ ، ممتنعَ الذرا | مَرِيعَ الْفِنَا، تُطْوَى إِلَيْهِ الْمَرَاحِلُ |