يتيم وأم
هاضه الوهن ، وأعياه الألم | وسطا الضعف عليه والسقم |
خاشع الأطراف من إعيائه | ما به يقلب كفّاً أو قدم |
متداعٍ جسمه ، منخذلٌ ، لجّت الحمى عليه فاضطرم |
|
ساكن الأوصال إلا بصراً | زائغاً ، يطرف حيناً ، ويجم |
ابن سبع برّح اليتيم به | رحمة الله له نضو يتم |
كسرت من طرفه مسكنةٌ | لبست هيأته منذ انفطم |
وا حناناه لأمٍ أيّمٍ | طوت النفس على خوف وغم |
فنضت عنها الثياب السود ؛ لا | لا تظنوا جرحها الدامي التأم |
بل لدفع الشؤم عن واحدها | يا لقلب الأم إن أشعر هم ! |
وبدت في اليبض من أثوابها | من رأى إحدى حمامات الحرم |
عطفت من رحمة تحضنه | إنما دنيا اليتامى حضن أم |
ومضت تمسح بالكف على | جبهةٍ رهن اشتعال وضرم |
ولقد تندى فتخضّل له | وفرة ٌ مثل الظلام المدلهم |
نظر الطفل اليها صامتاً | وبعينيه حديث وكلم . . . |
ليت شعري ، ما به ؟ ما يبتغي | أبنفس الطفل سؤلٌ مكتتم ؟ |
لو أراد النجم لاحتالت له | كل سؤل هيّن ، مهما عظم |
وحنت تسأل عن طلبته | فرنت عين له ، وافترّ فم . . |
قال : يا أمي . واسأليه رجعةً | فلكم يفرح قلبي لو قدم ! |
لا تسل عن جرحها كيف مضى |
|
من هنا أو من هنا ينزف دم |
|
ضمّت الطفل اليها بيدٍ | وبأخرى مسحت دمعاً سجم |
عزّ ما يطلبه ، يا رحمتا | كيف تأتي برفات ورمم !؟ |
قلّب البؤس على أوجهه | لن ترى كاليتيم بؤساً محتكم |
ينشأ الطفل ولا ركن له | ركنه من صغر السن انهدم |
خائضاً في لجج العيش على | ضعفه ، والعيش بحر محتدم |
تائهاً في ظلمٍ ما تنتهي | حائراً يخبط في تلك الظلم |
ليس في الدنيا ولا في ناسها | فهو يحيا في وجود كالعدم |