غب النوى
مضيت ؟ و كيف ؟ ألا رجعة | تردّ إلى القلب دنيا رؤاه |
لقد أقفز الكون في ناظري | و غشّى الظلام مجالي ضياه |
وكيف أحسّ جمال الوجود | ووجهك عني توارى سناه |
فما أقبح العيش يا موحشي | وياما أشدّ سواد الحياه |
وأنت بعيد بعيد هناك … | وقلبي وحيد يعاني أساه |
مضيت ؟ فيا لحني إليك | وواهاً لأمسي القريب البعيد |
زمان أمرّ بدرب الكروم | وللدرب نفح جنان الخلود.. |
ويشرد طرفي ويطوي المدى | ولقياك غاية طرفي الشرود |
وفي القلب نار جموح الوقود | ينادي بها الشوق : يا نار زيدي |
وطرفي قرير بذاك الشرود | وقلبي سعيد بذاك الوقود |
ويفجأني وقع خطو بعيد | ورائي ، إليه طويلا |
ويهتف قلبي : هذي خطاه | أرى في صداها عليه دليلا |
خطى العنفوان ، خطى الكبرياء | تنمّ عليه عظيماً نبيلا |
وتختطف الروح غيبوبةٌ | وقد رحت تدنو قليلاً قليلا |
وأغرق في حلم ساحرٍ | أحال حياتي فنـــــّا ً جميلا |
وفي غمرات الذهول العميق | تطالعني القــــامه الفارعه |
فأشخص ، ثم أغضّ حياءً | واكسر من لهفتي الجائعه |
وأبدي جمود الخليّ كأن لم | ترجّ دمي الطلعة الرائعه |
وتحت جمـــودي اضطراب عصوف |
|
أداريه مغضبةً وادعــــــــه |
|
وتحت جمودي من العاطفات | أعاصير جارفة دافعه |
وتنهب عيناك وجهي وقد | عرا مهجتي منهما ما عرا |
فيمحني بعينيّ كلّ الوجود | ويمحي بعينيّ كلّ الورى |
وما لفتة النسر يا فتنتي | تطلـّع من عاليات الذرى |
وسلــّط لحظاً على إلفه | عنيف التوقّد مستكـــــراً |
بأروع منك وعيناك فيّ | أوارٌ تلظـّى وسحر سرى |
وتمضي ، وأمضي مع العابرين | وما بيننا غير نجوى النظر |
وطيف ابتسام على شفتيك | ووهج هيام بعمقي استعر |
وقد هبط الليل حلو الغموض | خلوب الرؤى ، عبقري الصور |
وماجت مع الريح خضر الكروم | مشعشعة بضياء القمر |
وفاض الوجود شعوراً و شعراً | وذاب من الوجد حتى الحجر ! |
سل الدرب كم جئت غبّ النوى | أجرّ الخطى في الغروب الحزين |
وحولي من الذكريات الخوالي | طيوف تثير لهيب الحنين |
أخاف تكرّ عليها الليالي | وتدفن تحت ركام السنين |
فيبسط قلبي جناحي هواه | عليها ويحنو حنوّ الضنين |
وأنت بأعماقي روحي صلاة | يسبّح باسمك روحي الأمين |
مضيت ؟ إلى أين ؟ هلاّ تعود | لروحي اللهيف ، لقلبي الغريب؟ |
توحّدت بعدك يا موحشي | على الدرب ، درب الكروم الجديب |
أسير إلى غير ما غاية | وكفّي على جرح قلبي الخضيب |
وفي مقلتي ّ غيوم حزانى | وفوق جبيني وجوم كئيب |
وسمتك في خاطري ماثل | يهيج الحنين ويذكي اللهيب |
إلى أين ؟ رحماك يا ابن الصحارى | وبرّد ظماء الفؤاد العميد |
فما برمال عطاشى نمتك | كهذا الغليل الملّح العنيد |
إلى أين؟ يا لك طيفاً ألمّ | وعانق روحي بحلم سعيد |
ويا لك وهم سراب تألق | في قفز عمري لقلبي الشريد |
حنانك عد؛ كيف أحيا الحياة ، وأنت هناك بعيد بعيد |