آآه يا إيمان
أَيُّ ذئبٍ خائنٍِ أيُّ قَطيعْ | أيُّ غَدْرٍ في روابيها يشيعْ؟ |
أيُّ جرحٍ في حماها نازفٍ | أيُّ مأساةٍ، لها وجهٌ مُرِيعْ؟ |
أيُّ عصرٍ، لم يزلْ قانونُه | يمنحُ العاريَ ثوباً من صَقيعْ؟ |
يمنحُ الجائعَ رَكْلاً في القفا | صائحاً في وجهه: كيف تجوعْ؟! |
يمنَع العطشانَ من منبعه | وإذاحاوَلَ، أسقاه النَّجيعْ |
أيَّها السائل عمَّا أشتكي | من لظى الحزن الذي بين الضُّلوعْ |
لاتسلْ عن جَذْوةٍ أشعلها | ظالمٌ يقتل أزهارَ الرَّبيعْ |
لا تسلني، واسأل الغَرْبَ الذي | يأمر اللَّيلَ بإطفاء الشموعْ |
ينقض العَدْلَ بحقِّ النَّقض في | مجلسٍ يعجز عمَّا يستطيعْ |
أسأل الغَرْبَ الذي واجهنا | منه قلبٌ بالأباطيل وَلُوعْ |
قل له: مهلاً فقد بان لنا | فَشَلٌ في نُصرة الحق ذَريعْ |
أنتَ للباغي يَدٌ ممدودةٌ | ليت شعري، أين أَخلاق «يَسُوعْ»؟! |
أيُّها السائل عُذْراً، فأنا | أُبصر الأطفال من غير دروعْ |
واجهوا الحرب كما واجهَها | إبنُ عفراءَ، وسعدُ بن الرَّبيعْ |
وأرى دبَّابةً غاشمةً | حولها ألْفُ جريحٍ وصريعْ |
وأرى سرْبَ قرودٍ خلفها | ووراء السِّرب خنزيرٌ وضيعْ |
لا تسلني عن حقوقٍ لم تزلْ | بين تجَّار الأباطيلِ تضيع |
لا تسلني عن يد راجفةٍ | لم تزلْ تَشري أساها وتبيعْ |
لا تسلْ عن واحةِ الصَّمت التي | ضاقت التُّربةُ فيها بالجذوعْ |
يالَها من ليلةٍ حالكةٍ | نسَيِتْ أنجمُها معنى الطُّلوعْ |
رسم القصفُ لها خارطة | بعد أنْ مرَّ من اللَّيل هَزيعْ |
كانت الأُسرةُ في منزلها | ترقب الفجرَ، وفي الأحشاءِ جُوْع |
طفلةٌ مُنْذُ شهورٍ وُلدتْ | بين جدرانٍ مشتْ فيها الصُّدوع |
أمَّها تنتظر الزوجَ على | شاطىءِ الذكرى بأحلام الرُّجوعْ |
تُرضع الطِّفلةَ من ثَدْي الأسى | في مساءٍ فاقدٍ معنى الهجوعْ |
أغلقت باباً على مزلاجه | بَصْمةٌ دلَّتْ على الجُرْمِ الفظيعْ |
مَن تنادي، وإذا نادتْ، فمن | يكشف الغفلةَ عن هذي الجموعْ؟! |
يا لها من ليلةٍ ماجت بها | وبما فيها من القَصْفِ الربوعْ |
غارةٌ جوِّيةٌ أشعلها | ظالمٌ مُسْتَوْغِرُ الصَّدر هَلُوعْ |
صارت الدَّارُ بها دارَ أَسَىً | واشتكى من جَدْبهِ الرَّوض المَريعْ |
فشراب ُ الطفلِ ماءٌ آسِنٌ | وطعامُ الأمِّ فيها مِنْ ضَريع |
أين منها مجلس الخوف الذي | لم يردِّدْ بَعْدُ أفعالَ الشروعْ؟! |
غارةٌ جوِّيةٌ وانكشفتْ | عن ضحايا شربوا السُّمَّ النَّقيعْ |
غارةٌ، وانكشفتْ عن وردةٍ | كان من أشلائها المِسْكُ يَضُوعْ |
آهِ يا إِيمانُ من أُمَّتنا | لم تزلْ تَجْتَنِبُ الدَّرْبَ الوَسيعْ |
صلَّت الفَرْضَ صلاةً جَمَعَتْ | كلَّ ما في نفسها، إلاَّ الخُشوعْ |
أصبحتْ تسأل عن موقعها | بعد أن حطم رجليها الوقوعْ |
حُسِمَ الأَمرُ وما زالتْ على | وهمها بين نزولٍ وطُلوعْ |
كيف ترجو الخيرَ ممَّن يَقتفي | أَثَرَ المظلوم، بالظلم الشَّنيعْ |
ويُرينا كلَّ يومٍ صورةً | حيَّة فيها إلى البغي نُزُوعْ |
يمنحُ الأُمَّ التي أثْكلَها | قَسْوَةً تَسلُبُ عينيها الدُّموعْ |
إنه الغَدْرُ اليهوديُّ الذي | لم يزلْ يضربنا الضَّرْبَ الوَجيعْ |
آهِ يا إِيمانُ، يا راحلةً | قبل أنْ تُكملَ سُقياها الضُّروعْ |
أنتِ كالشمس التي غيَّبها | ليلُها قَبْلَ بداياتِ السُّطوعْ |
أنتِ كالنَّجمةِ لمَّا أَفَلَتْ | قبل أنْ يستكملَ الضوءُ اللُّموعْ |
أطلقوا نحوَكِ صاروخاً فيا | خَجْلَةَ القَصْفِ من الطفل الوَديعْ |
لا تظني أمتي خاضعةً | هيَ يا إِيمانُ، في صُلْبِ الخضوعْ |
دَمُكِ الغالي بيانٌ صارخ | فارفعي الصوتَ، وقولي للجميعْ: |
يا ضَياعَ العَدْلِ في الأَرض التي | تَرتضي أَنْ يُقْتَلَ الطِّفلُ الرَّضيعْ |