يا ساكن الأعماق
من أين أبدأ يا حبيب فؤادي | وقصيدتي مخنوقة الإنشاد |
من أين أبدأ والمشاعر ألهبت | وتحرقت بحرارة الإيقاد |
من أين أبدأ والحروف تزاحمت | لكنها تهفو إلى إجهادي |
تعبت قواي أطارد الحرف الذي | يزجي خطاي إلى الرسول الهادي |
يا ساكن الأعماق من أكبادنا | شرُفت بأُنسك أعمق الأكباد |
ما زلتَ تزرع في ربى أرواحنا | شجر اليقين ونبتة الإسعاد |
ما زلتَ تنتزع الظلام فتمحي | آثاره وتزيلُ وجه سواد |
يا ساكن الأعماق فاضت عبرتي | أسفًا لفرقة أمة الأمجاد |
كنًّا سيوفًا في الوغى ونشيدنا | ” الله أكبر ” من فم الآساد |
ما بالنا ضعفت قوانا بعدما | كنَّا نزلزل ساحة الأوغاد ؟! |
ما بال أقصانا يلوك جراحه | ويد الفساد تخوض في بغداد ؟! |
ما بال أربابِ السخافة أيقظوا | فتنَ العَداء وموجةَ الإفساد ؟! |
رسموك يا رمز الجمال مشوهًا | ومدادهم حبر من الأحقاد |
رسموك واجترؤوا بعين طباعهم | وتناولوك بمنطق الحسَّاد |
ما زلتَ تكبر في العيون مهابةً | والحاقدون تسفهم برماد |
الكون أشرق مذ سكنتَ مشيمةً | وهفا الزمان لساعة الميلاد |
وولدتَ أشرف مولد فتسامق الت | تاريخ يرسم لوحة الأمجاد |
وتأهَّب الفجر الجديد يدكُّ ما | عبد الطغاة ببطن ذاك الوادي |
ناديت فانطلق النداء مجلجلا | وأصاختِ الدنيا لخير منادِ |
شكَّلتَ بالإسلام روح حذيفة | وبذرت نور الحق في المقداد |
وسكنت بالخلق العظيم قلوبَ من | وقفوا لدرب هداك بالمرصادِ |
أيضرُّ هامتك البهية حاقدٌ | يبغي تسلُّقَ قمة الأنجادِ |
أتصُدُّ نورَ الشمسِ كفُّ مخادع | قصُرتْ فلم تظفَرْ بغير سوادِ ؟! |
يا ساكن الأعماق وجه قصيدتي | خَجِلٌ يحاول أن يصوغ وُدادي |
واعدتُ سيل مشاعري بخواطري | فأبت وما وفَّيتُ بالميعاد |
عذرًا إذا عجز البيان وخانني | شعري وذاب من الجراح فؤادي |
مهما أفضت من المشاعر فالذي | بين الجوانح زاد عن إنشادي |
حبُّ الرسول أجلُّ من كلماتنا | والخطب أعظم من حروف مدادي |