أحلام الموتى*
ضاحك بالليل عن مصرعه | حدث الناس بمالايعقلون |
حدث الأيام عن زلاته | عن زمان لاترى فيه العيون |
يوشك السكران من نشوته | يشتري كسرى بسيف الأرطبون |
وينادي الأرض تعليه سما | فوق قرن الثور غطتها السنون |
فاشترى بالأرض معسول اللمى | طفلة تلبس جلد الحيزبون |
كان سيفي مذ غزا خاصرتي | ميتاً لكنكم لاتعلمون |
كنت بالأمس عليكم حارسا | وعلى نفسي نفس لاتخون |
غيرأني اليوم في أشداقكم | زبد سمح الخطا ثر هتون |
إن بكى حق لعينيه البكا | لو تمنى الموت فيمايصنعون |
المغنون عليكم أقبلوا | يملأون البحر يطغى يغرقون |
والعشيات عليهم هوّم | يتسنمن غصون الزيزفون |
قصة ضاجعتموها خلسة | أنجبتكم من سراديب الظنون |
في أياديكم دبابيس الرقُى | تقطع البحر ويطويها السكون |
كتباً صفراء في مشرقها | زمن شدت خطاه الأربعون |
كم قلبنا الدهر في أقلامنا | وقرأناه على مايشتهون |
والحروف السود في أوراقكم | من بياض الشيب تمحوها القرون |
احفروني في صدور بعدكم | هوة تحفظ مالا تحفظون |
اجعلوني مركبا في بحركم | غارقا والناس حولي يضحكون |
ربما أحلم أني بالرؤى | مالك الدنيا وأنتم معدمون |
وبأني سيد في قومه | والأعادي عن قناتي مهطعون |
إن أحلامي صدى أحلامكم | ياصباح الخير دعهم يحلمون |
إن ليلى غيّرت عشاقها | الأحباء لديها الأرذلون |
غادة باعت حياتي أهلها | واشترتني من حياتي بالديون |
كان صمتي جهرها إن نطقت | كان جهري صمتها إذ ينطقون |
ليلها الموسوم في أبوابه | كأس عشق أورقت فيها الغصون |
سبعة تعتادها تغتالها | تعتلي السبع على فيض الشئون |
ربما يبعث طير ثامن | ربما ينبت للطير قرون |
ينطح الغيمة في مشرقها | تتهادى في أياديه المزون |
اسمحوا لي أُكمل الحلم غدا | أنا أدري أنكم لاتسمحون |
كان في النوم حبيبي زارني | يعلك العجمة فيمن يعلكون |
عربي سحنة براقة | تخدع الساري وتحدوها المنون |
ودمانا من شعوب عدة | قاتلتنا أسبلت منا الجفون |
اقتلونا إن فينا نشوة | أننا القتلى وأنا النادب_ون |
ياعباد الله من يدفنني | ليس لي قبر وأنتم تدفنون |
قد سألت الريح فاجتازت به | تسأل الناس وأنتم تسألون |
أيها القادم من أعماقنا | يازمان الوصل في ليل المجون |
خذ زكاة الموت من أحفادهم | ابنة للنيل أو بنتي لبون |
جربوا الموت على مرثيتي | جربوه إن للموت فنون |
موتكم سهل على أعدائكم | إنما الأصعب ألا تقتلون |
هل تموت الأرض إلامن دم | تشرب الأرض دماها وتهون |
ربما تهتز تربو بالدما | يتهادى في رباها الطيبون |
فاغروا الأفواه في وجه السما | أبصعون أكتعون أجمعون |
يأكلون الجوع في أعماقهم | واليتامى من دماهم ينسلون |
غُلب الروم ولم ندر بهم | أنهم من بعد غلب يغلبون |
المُعيديون بالأمس أتو | مادهاهم عن حماكم يرحلون |
خطبة تتلى على أعتابها | سجلوها واقرأوها في المتون |
ليت أما بعد في أحشائها | تتمطى بعصاها في جنون |
تٌرجع الأمس على أعقابه | مقدسي اللحن جبارا حنون |
فيه مافيكم ومنكم مابه | إن تناسيتم فرارا تذكرون |
هل صلاح الدين إلاناركم | كيف أسكتم لظاها في البطون |
كيف صليتم على جثمانها | وهي للموت حراب في الجفون |
زمن الردة فيكم ماارتوى | باسط كفيه للحرب الزبون |
ليس للإرهاب فينا منزل | نحن قوم في حمانا آمنون |
تقتلون الناس في رأد الضحى | بسم دين الله قلنا تكذبون |
ليس دين الله فيكم لعبة | لا ولاكنتم به تستهزؤن |
أي دف قد لطمتم وجهه | كان يبكيكم وكنتم ترقصون |
أين درعي ماتمسكتم بها | خلفها الأمجاد من خلف الحصون |
البسوني حلة مقلوبة | سمي الأنثى وترياقي الظنون |
واجعلوا اهواءكم لي شفرة | أقرب الناس اليها الأقربون |
إن عصرا يعربيا قد مضى | كان خيرا ياعساكم تجهلون |
كان خيرا من زمان ضمكم | وزمان بعده دون فدون |
كيف نرجو اليوم أنْ نحيا غدا | وغدا يالهف نفسي من نكون |
ــــــــــــــــــ |
|
* القيت في مهرجان الجنادرية عام 1996 |