هَلْ بالْحِمى عنْ سَريرِ الْمُلْكِ مَنْ يَزَعُ؟
هَلْ بالْحِمى عنْ سَريرِ الْمُلْكِ مَنْ يَزَعُ؟ | هَيهاتَ ، قَد ذَهَبَ المتبوعُ والتَبَعُ |
هَذِي «الْجَزِيرَة ُ» فَانْظُرْ هَلْ تَرَى أَحَداً | يَنْأَى بِهِ الْخَوْفُ، أَوْ يَدْنُو بِهِ الطَّمَعُ؟ |
أضحَتْ خَلاءً ، وكانَت قَبلُ مَنزِلة ً | لِلْمُلْكِ، مِنْهَا لِوَفْدِ الْعِزِّ مُرْتَبَعُ |
فلا مُجيبَ يَردُّ القَولَ عَن نَبأٍ | ولا سَميعَ إذا نادَيتَ يَستَمِعُ |
كَانَتْ مَنَازِلَ أَمْلاَكٍ، إِذَا صَدَعُوا | بِالأمرِ كادَتْ قُلوبُ الناسِ تَنصَدِعُ |
عَاثُوا بِهَا حِقْبَة ً، حَتَّى إِذَا نَهَضَتْ | طَيرُ الحَوادِثِ مِن أوكارِها وَقعوا |
لَوْ أَنَّهُمْ عَلِمُوا مِقْدَارَ مَا فَغَرَتْ | بِهِ الْحَوَادِثُ مَا شَادُوا، وَلاَ رَفَعُوا |
دارَت عَليهِم رَحى الأيَّامِ ، فانشَعبوا | أيدى سَبا ، وتَخَلَّت عَنهمُ الشِيعُ |
كانت لَهُم عُصَبٌ يَستدفِعونَ بِها | كَيْدَ الْعَدُوِّ، فَمَا ضَرُّوا، وَلاَ نَفَعُوا |
أينَ المَعاقِلُ ، بل أينَ الجحافلِ ، بل | أينَ المناصِلُ والخطِّيَّة ُ الشَرَعُ |
لاَ شَيْءَ يَدْفَعُ كَيْدَ الدَّهْرِ إِنْ عَصَفَتْ | أحداثه ، أو يقِى مِن شرِّ ما يَقَعُ |
زَالُوا، فَما بَكَتِ الدُّنْيَا لِفُرْقَتِهِمْ | ولا تعطَّلَت الأعيادُ والجُمَعُ |
والدَهرُ كالبَحرِ لا ينفكُّ ذا كَدَرِ | وإنَّما صَفوهُ بينَ الورى لُمَعُ |
لَوْ كَانَ لِلْمَرْءِ فِكْرٌ فِي عَوَاقِبِهِ | ما شانَ أخلاقَهُ حِرصٌ ولا طَبَعُ |
وكَيْفَ يُدْرِكُ مَا فِي الْغَيْبِ مِنْ حَدَثٍ | من لَم يَزَل بِغرورِ العَيشِ يَنخَدِعُ |
دَهْرٌ يَغُرُّ، وَآمَالٌ تَسُرُّ وَأَعْـ | مارٌ تَمُرُّ ، وأيَّامٌ لها خُدَعُ |
يَسْعَى الْفَتَى لأُمُورٍ قَدْ تَضُرُّ بِهِ | وَلَيْسَ يَعْلَمُ مَا يَأْتِي وَمَا يَدَعُ |
يأيها السَادِرُ المُزوَرُّ مِن صَلَفٍ | مَهْلاً، فَإِنَّكَ بِالأَيَّامِ مُنْخَدِعُ |
دَعْ مَا يَرِيبُ، وَخُذْ فِيمَا خُلِقْتَ لَهُ | لَعَلَّ قَلبكَ بِالإيمانِ يَنتَفِعُ |
إِنَّ الْحَيَاة َ لثَوْبٌ سَوْفَ تَخْلَعُهُ | وكلُّ ثوبٍ إذا ما رثَّ ينخَلِعُ |