أَيُّ شَيْءٍ يَبْقَى عَلَى الْحَدَثَانِ؟
أَيُّ شَيْءٍ يَبْقَى عَلَى الْحَدَثَانِ؟ | وَالْمَنَايَا خَصِيمَة ُ الْحَيَوَانِ |
قدْ بلونا كيدَ الزمانِ ، ولكنْ | شغلتنا عنهُ ضروبُ الأماني |
فَلَكٌ، لاَ يَزَالُ يَجْرِي عَلَى النَّا | سِ بضدين : من علاً وَ هوانِ |
فهوَ طوراً يكونُ كالوالدِ البرْ | رِ ، وطوراً كالناقمِ الغضبانِ |
لَيْسَ يُبْقِي عَلَى وَلِيدٍ، وَلاَ كَهْـ | ـلٍ، وَلاَ سُوقَة ٍ، وَلاَ سُلْطَانِ |
كَيْفَ يَرْجُو الإِنْسَانُ فِيهِ خُلُوداً | بعدَ ما قدْ مضى أبو الإنسانِ |
أينَ منْ كانَ قبلنا منذ داركتْ | كُرَة ُ الأَرْضِ وَهْيَ ذَاتُ دُخَانِ؟ |
أممٌ أخلدتْ إلى الدهرِ حيناً | ثمَّ ضاعتْ في لجة النسيانٍ |
حصدتها يدُ المونونِ ، فصارتْ | خبراً في الوج بعدَ عيانٍ |
فترسمْ معالم الأرض ، واسألْ | فسعى أن يجيبكَ الهرمان |
أثرٌ دلَّ صنعهُ أنَّ ” هرميـ | ـسَ» بَنَاهُ مِنْ أَبْدَعِ الْبُنْيَانِ |
خَافَ ضَيْعَ الْعُلُومِ حِينَ أَتَتْهُ | بيناتٌ دلتْ على الطوفانِ |
فبناهُ منَ الصخورِ اللواتي | جَلَبَتْهَا الْقُيُونُ مِنْ أُسْوَانِ |
طبقاتٌ في جوفها حجراتٌ | ضمنتْ كلَّ حكمة ٍ وَ بيانِ |
بقيتْ بعدَ صانعيها ؛ فكانتْ | أثراً ناطقاً بغيرِ لسانِ |
سَوْفَ تَبْلَى مِنْ بَعْدِ حِينٍ، وَيُمْحَى | ذكرُ ” هرميسَ ” منْ سجلَّ الزمانِ |
إنما هذهِ الحياة ُ غرورٌ | تنقضي بالشقاءِ وَ الحرمانِ |
ليسَ فيها سوى خيالاتِ وَهمٍ | تَمْتَرِيهَا قَرَائِحُ الأَذْهَانِ |
خَطَرَاتٌ قَدْ ضَمَّنُوهَا كَلاَماً | فلسفياً لمْ يقترنْ بمعاني |
كلُّ حيًّ يظنُّ أمراً ، وَ لكنْ | أينَ منهُ محجة ُ البرهانِ ؟ |
قدْ عرفنا ما كانَ منا قريباً | وَ جهلنا ما لا ترى العينانِ |
فَدَعِ الْقَوْلَ فِي التَّفَلْسُف، وَاخْضَعْ | لجلالِ المهيمنِ الديانِ |
أَنَا يَا دَهْرُ عَالِمٌ بِمَصِيرِي | فيكَ ، لكنني جموحُ العنانِ |
قدْ تماديتُ في الغواية ِ حتى | كَبَحَ الدَّهْرُ شِرَّتِي، وَثَنَانِي |