نعاءِ عليهِ أيها الثقلانِ
نعاءِ عليهِ أيها الثقلانِ | فَقَدْ أَقْصَدَتْهُ أَسْهُمُ الْحَدَثَانِ |
مَضَى ، وَأَقَمْنَا بَعْدَهُ فِي مَآتِمٍ | عَلَى الْفَضْلِ نَبْكِيهِ بِأَحْمَرَ قَانِي |
فلا عينَ إلاَّ وَ هيَ بالدمعِ ثرة ٌ | وَ لاَ قلبَ إلاَّ وَ هوَ ذو خفقانِ |
حِفَاظاً وَإِشْفَاقاً عَلَى مُتَرَحِّلٍ | خَلَتْ أَرْبُعٌ مِنْ شَخْصِهِ وَمَغَانِي |
فقدناهُ فقدانَ الظماءِ شرابهمْ | بِدَيْمُومَة ٍ وَالْوِرْدُ لَيْسَ بِدَانِي |
فيا للعلى ! كيفَ استبيحَ ذمارها | وَلِلْفَضْلِ إِذْ يُرْمَى بِهِ الرَّجَوانِ |
لعمري ، لقدْ هاجَ الأسى بعدَ فقدهِ | بِنَا لَوْعَة ً لاَ تَنْثَنِي بِعِنَانِ |
ضَمَانٌ عَلَى قَلْبِي صِيَانَة ُ عَهْدِهِ | وَمَا خَيْرُ قَلْبٍ لاَ يَفِي بِضَمَانِ؟ |
تَخَلَّى عَنِ الدُّنْيَا، وَأَبْقَى مَآثِراً | يُقِرُّ لَهَا بِالْفَضْلِ كُلُّ لِسَانِ |
فإنْ يكُ أودى ، فهوَ حيٌّ بفضلهِ | وَمَنْ كَانَ مَذْكُوراً فَلَيْسَ بِفَانِي |
وَأَيُّ امْرِىء ٍ يَبْقَى ؟ وَدُونَ بَقَائِهِ | نهارٌ وَ ليلٌ بالردى يفدلنِ |
ألاَ قاتلَ اللهُ الحياة َ ؛ فإنها | إِلَى الْمَوْتِ أَدْنَى مِنْ فَمٍ لِبَنَانِ |
إِذَا مَا بَنَانَا الدَّهْرُ ظَلَّتْ صُرُوفُهُ | تهدمنا ، والدهرُ أغدرُ باني |
تخادعنا الدنيا ؛ فنلهو ، وَ لمْ نخلْ | بأنَّ الردى حتمٌ على الحيوانِ |
إِذَا مَا الأَبُ الأَعْلَى مَضَى لِسَبِيلِهِ | فما لبنيهِ بالبقاءِ يدانِ |
لقدْ فجعتنا أمُّ دفرٍ – وَ ما درتْ – | بأروعَ منْ نسلِ النبيَّ هجانِ |
سليمُ نواحي الصدرِ ، لاَ يستفزهُ | نِزَاعٌ إِلَى الْبَغْضَاءِ وَالشَّنَآنِ |
يُعَاشِرُ بِالْحُسْنَى فَإِنْ رِيبَ لَمْ يفُهْ | بِسُوءٍ، وَلَمْ تَرْمِزْ لَهُ شَفَتَانِ |
لَقَدْ كَانَ خِلاًّ لاَ يُشَانُ بَغَدْرَة ٍ | وَ صاحبَ غيبٍ طاهرٍ وَ عيان |
إِذَا قَالَ كَانَ الْقَوْلُ عُنْوَانَ فِعْلِهِ | وَيَا رُبَّ قَوْلٍ نَافِذٍ كَسِنَانِ |
خِلالٌ يَفُوحُ الْمِسْكُ عَنْهَا مُحَدِّثاً | وَ يثنى على آثارها الملوانِ |
فلا غروَ أنْ تدمى العيونُ أسافة ً | عَلَيْكَ، وَيَرْعَى الْحُزْنُ كُلَّ جَنَانِ |
فأنتَ ابنُ منْ أحيا البلادَ بعلمهِ | وَ أبقى لهُ ذكراً بكلَّ مكانِ |
أَفَادَ بَنِي الأَوْطَانِ فَضْلاً سَموْا بِهِ | إِلَى هَضَبَاتٍ فِي الْعُلاَ وَقِنَانِ |
وَ أنتَ ابنهُ ، والفرعُ يتبعُ أصلهُ | وَمَا مِنْكُمَا إِلاَّ جَوَادُ رِهَانِ |
هوَ الأولُ السباقُ في كلَّ حلبة ٍ | وَ أنتَ لهُ دونَ البرية ِ ثاني |
فَيَا رَحْمَة َ اللَّهِ اسْتَهِلِّي عَلَيْهِمَا | بِسَجْلَيْنِ لِلرِّضْوَانِ يَنْهَمِلاَنِ |
وَ عمى قبورَ العالمينَ كرامة ً | لقبرينِ بالبطحاءِ يلتقيانِ |
عَلَيْكَ سَلاَمُ اللَّهِ مِنِّي، تَحِيَّة ٌ | يُوَافِيكَ فِي خُلْدٍ بِهَا الْمَلَكَانِ |