صبوتٌ إلى المدامة ِ وَ الغواني
صبوتٌ إلى المدامة ِ وَ الغواني | وَحَكَّمْتُ الْغَوَايَة َ فِي عِنَانِي |
و قلتُ لعفتي – بعدَ امتناعِ – | إِلَيْكِ؛ فَقَدْ عَنَانِي مَا عَنَانِي |
فَمَا لِي عَنْ هَوَى الْحَسْنَاءِ صَبْرٌ | يُوَقِّرُ عِنْدَ سَوْرَتِهِ جَنَانِي |
وَ كيفَ يضيقُ منْ دارتْ عليهِ | كئوسُ هوى من الحدقِ الحسان؟ |
أعاذلُ ، خلت=ني وَ شئونَ قلبي | و خذْ ما شئتهُ في أيَّ شانِ |
فَقَدْ شَبَّ الْهَوَى مَنْ رَامَ نُصْحِي | وَأَغْرَى فِي الْمَحَبَّة ِ مَنْ نَهَانِي |
رضيتُ منَ الهوى بنحولِ جسمي | وَمِنْ صِلَة ِ الْبَخِيلَة ِ بِالأَمَانِي |
وَ لستُ بطالبٍ في الناسِ خلاَّ | يناصحني ؛ فعقلي قدْ كفاني |
بَلَوْتُ النَّاسَ، وَاسْتَخْبَرْتُ عَنْهُم | صروفَ الدهرِ آناً بعدَ آنِ |
فَمَا أَبْصَرْتُ غَيْرَ أَخِي كِذَابٍ | خلوبِ الودَّ ، مصنوعِ الحنان |
يُصَرِّحُ بِالْعَدَاوَة ِ وَهْوَ نَاءٍ | وَ يمذقُ في المحية ِ وَ هوَ داني |
لَهُ فِي كُلِّ جَارِحَة ٍ لِسَانٌ | وَمَا شُرْبِي الْمُدَامَ هِوى ً، وَلَكِنْ |
فلا تأمنْ على نجواكَ صدراً | فَرُبَّ خَدِيعَة ٍ تَحْتَ الأَمَانِ |
وَ لاَ يغرركَ قولٌ دونَ فعلٍ | فإنَّ الحسنَ قبحٌ في الجبانِ |
وَمَا أَنَا ـ وَالطِّبَاعُ لَهَا انْخِدَاعٌ ـ | بِذِي تَرَفٍ يُرَوَّعُ بِالشِّنَانِ |
رغبتُ بشيمتي ، وَ عرفتُ نفسي | وَ لمْ أدخلْ – لعمركَ – في قرانِ |
عَقَدْتُ بِحَدِّ سَوْرَتِهَا لِسَانِي | |
مخافة َ أنْ تهيجَ بناتِ صدري | فيظهرَ بعضُ سرى للعيانِ |
وَ فيمَ – وَ قدْ بلوتُ الدهرَ – أبغي – | صَدِيقاً، أَوْ أَحِنُّ إِلَى مَكَانِ؟ |
وَ لستُ َى سوى صبحٍ وَ جنحٍ | إلينا بالردى يتسابقانِ |
فَيَا مَنْ ظَنَّ بِالأَيَّامِ خَيْراً | رويدكَ ؛ فهي أقربُ للحرانِ |
أترغبُ في السلامة ِ وَ هيَ داءٌ ؟ | وَ تجمعُ للبقاءِ وأنتَ فاني ؟ |
دَعِ الدُّنْيَا، وَسَلِّ الْهَمَّ عَنْهَا | إذا اعتكرتْ – بصافية ِ الدنانِ |
فإنَّ الراحَ راحة ُ كلَّ نفسٍ | إِذَا دَارَتْ عَلَى نَغَمِ الْقِيَانِ |
مِنَ الْخَمْرِ الَّتِي دَرَجَتْ عَلَيْهَا | أفانينٌ منَ العصرِ الفواني |
تخالُ وَ مسضها في الكأسِ ناراً | فَتَلْمِسُهَا بِأَطْرَافِ الْبَنَانِ |
فخذها غيرَ مدخرٍ نفيساً | فَلَيْسَ الْعُمْرُ يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ |
وَخَلِّ النَّاسَ عَنْكَ؛ فَلَيْسَ فِيهِمْ | سَلِيمُ الْقَلْبِ عِندَ الإِمْتِحَانِ |
تماثيلٌ تدورُ بلا عقولٍ | وَ ألفاظٌ تمرُّ بلا معاني |
تشابهتِ الأسافلُ بالأعالي | فما يدرى الهجينُ منَ الهجانِ |
تَرَى كُلَّ ابْنِ أُنْثَى لاَ يُبَالِي | بما جرتْ عليهِ منَ الهوانِ |
يُدِلُّ بِنَفْسِهِ إِنْ غِبْتُ عَنْهُ | وَ يشرقُ بالزلالِ إذا رآني |
فمنْ لي – وَ الأماني كاذباتٌ – | بِيَوْمٍ فِي الْكَرِيهَة ِ أَرْوَنَانِ |
أُلاَعِبُ فِيهِ أَطْرَافَ الْعَوالِي | وَأُطْلِقُ بَيْنَ هَبْوَتِهِ حِصَانِي |
تراني فيهِ أولَ كلَّ داعٍ | وَيَرْتَفِعُ الْغُبَارُ، فَلاَ تَرَانِي |
إِلَى أَنْ تَنْجَلِي الْغَمَرَاتُ عَنْهُ | وَيَعْرِفَنِي بِفَتْكِي مَنْ بَلاَنِي |
أنا ابنُ الليل وَ الخيلِ المذاكى | وَ بيضِ الهندِ ، وَ السمرِ اللدانِ |
إذا عينٌ أجدَّ بها طماحٌ | جعلتُ مكانَ حبتها سناني |