مَنْ قَلَّدَ الزَّهْرَ جُمَانَ النَّدَى
مَنْ قَلَّدَ الزَّهْرَ جُمَانَ النَّدَى | وألهمَ القمرى َّ حتَّى شدا ؟ |
وَزَيَّنَ الأَرْضَ بِأَلْواَنِهَا | وصوَّرَ الأبيضَ والأسودا ؟ |
سُبْحَانَ مَنْ أَبْدَعَ في مُلْكِهِ | حَتَّى بَدَا مِنْ صُنْعِهِ مَا بَدَا |
تنَزَّهت عن صفة ٍ ذاتهُ | وقامَ فى لاهوتهِ أوحدَا |
فَاسْجُدْ لَهُ، وَاقْصِدْ حِمَاهُ تَجِدْ | ربَّاً كريماً ، ومليكاً هدى |
فَقُمْ بِنَا يَا صَاحِ نَرْعَ النَّدَى | ونسألِ الله عميمَ النَّدى |
أما ترى كيفَ استحارَ الدُّجى ؟ | وكيفَ ضَلَّ النَّجمُ حتَّى اهتَدى ؟ |
وَلاَحَ خَيْطُ الْفَجْرِ فِي سُحْرَة ٍ | كصارمٍ فى قسطلٍ جُرِّدا |
فالجوُّ قد باحَ بِمكنونهِ | وَالأَرْضُ قَدْ أَنْجَزَتِ الْمَوْعِدَا |
غَمَامَة ٌ أَلْقَتْ بِأَفْلاَذِهَا | وَجَدْوَلٌ مَدَّ إِلَيْنَا يَدَا |
فانهَض ، وسِر، وانظُر، ومِل ، وابتهِجْ | وَامْرَحْ، وَطِبْ، واشْربْ لِتُرْوِي الصَّدَى |
ولا تسَل عَن خبَرٍ لم يَحِن | ميقاتهُ ، وانظُر إلى المُبتدا |
وَلاَ تَلُمْ خِلاًّ عَلَى هَفْوَة ٍ | فقلَّما تَلقى فتى ً أَمجدا |
لو علِمَ الإنسانُ ما أضمرَت | أَحْبَابُهُ، هَانَتْ عَلَيْهِ الْعِدَا |
فَدَعْ بَنِي الدُّنْيَا لأَهْوَائِهِمْ | وَلاَ تُطِعْ مَنْ لاَمَ، أَوْ فَنَّدَا |
ما لِي وَلِلنَّاسِ وَأَعْمَالِهِمْ؟ | كُلُّ امرئٍ رَهنُ حِسابٍ غَدا |
هَلْ هِيَ إِلاَّ مُدَّة ٌ تَنْقَضِي؟ | وكُلُّ نَفسٍ خُلِقَت للرَّدى |
فاستعمِل الرِفقَ تَعش راشداً | واعْطِفْ عَلَى الأَدْنَى تَكُنْ سَيِّدَا |
واسعَ لما أنتَ لَهُ ، فالفتى | إِنْ هَجَرَ الرَّاحَة َ حَازَ الْمَدَى |
ما خلقَ اللهُ الورَى باطلاً | لِيَرْتَعُوا بَيْنَ الْبَوَادِي سُدَى |
فَاقبَل وصاتى ، واستمِع حِكمتى | فَلَيْسَ مَنْ أَغْوَى كَمَنْ أَرْشَدَا |
إِنِّي وَإِنْ كُنْتُ أَخَا صَبْوَة ٍ | ومَسمَعٍ يُطربُنى من شدا |
فقَدْ أزُورُ اللَّيثَ فى غابِهِ | وأهبِطُ الأرضَ عليها النَّدى |
وأَصْدَعُ الْخَصْمَ، وَما خِلْتُنِي | أصدعُ إلاَّ البَطلَ الأصيدا |
بِلَهْذَمٍ لَيْسَتْ لَهُ صَعْدَة ٌ | لَكِنَّهُ يَمْضِي إِذَا سُدِّدَا |
أَوْ صَارِمٍ يَفْرِي نِيَاطَ الْكُلَى | وَلَمْ يزَلْ في جَفْنِهِ مُغْمَدَا |
ماضِى الغرارينِ ، ولَكِنَّهُ | لا يعرِفُ الصَّيقلَ والمبَردا |
أَوْ مِشْقَصٍ إِنْ فَوَّقَتْ نَصْلَهُ | إلى امرئٍ غيرُ يدٍ أقصدا |
أَو طائرٍ فى وكرهِ جاثِمٍ | يشوقُ إن هينَمَ أو غرَّدَا |
لم يعدُ كِنَّاً لم يزَلْ ساكِناً | فيهِ ، وباباً دونهُ مؤصَدَا |
قَدْ لاَنَ، إِلاَّ أَنَّهُ إِنْ قَسَا | يومَ نِضالٍ ؛ صَدَعَ الجَلمدَا |
مُعتَقلٌ ، لكنَّه مُطلقٌ | يَجولُ فى مَسكَنهِ سَرمَدا |
يَحْكُمُ بِالذَّوْقِ علَى ما يَرَى | وَيَعْرِفُ الأَصْلَحَ وَالأَفْسَدَا |
لهُ صِحابٌ قد أحاطَت بهِ | تنقُلُ عَنهُ نبَراتِ الصَدَى |
فَهْوَ بِهَا مُجْتَمِعٌ شَمْلُهُ | إِنْ أَصْدَرَ الْقَوْلَ بِهَا أَوْرَدَا |
مُشتَبِهاتُ الرَصفِ فى جودة ٍ | تَبَارَكَ اللَّهُ الَّذِي جَوَّدَا |
يبيتُ مِنها وَهوَ ذو مِرَّة ٍ | في رَصَفٍ مِنْ لُؤْلُؤٍ نُضِّدَا |
ذَاكَ لِسَانِي، وَهْوَ حَسْبِي إِذَا | ما أبرَقَ الحاسدُ أو أرعدا |