رُدِّي الْكَرَى لأَرَاكِ فِي أَحْلاَمِهِ
رُدِّي الْكَرَى لأَرَاكِ فِي أَحْلاَمِهِ | إِنْ كَانَ وَعْدُكِ لاَ يَفِي بِذِمَامِهِ |
أوْ فابعثي قلبي إليَّ ؛ فإنهُ | جَارَى هَوَاكِ، فَقَادَهُ بِزِمَامِهِ |
قدْ كانَ خلفني لموعدِ ساعة ٍ | منْ يومهِ ، فقضى مسيرة َ عامهِ |
لمْ أدرِ : هلْ ثابتْ إليهِ أناتهُ | أَمْ لَمْ يَزَلْ فِي غَيِّهِ وَهُيَامِهِ |
عَهْدِي بِهِ صَعْبَ الْقِيَادِ. فَمَا لَهُ | أَلْقَى يَداً لِلسِّلْمِ بَعْدَ غَرَامِهِ |
خَدَعَتْهُ سَاحِرَة ُ الْعُيُونِ بِنَظْرَة ٍ | منها ؛ فملكها عذارَ لجامهِ |
يا ، هلْ يعودُ إلى الجوانحِ بعدما | سَلَبَتْ فَتَاة ُ الْحَيِّ ثِنْيَ لِجَامِهِ؟ |
تاللهِ ، لوْ ملكتْ يدايَ جماحهُ | لَعَقَدْتُ قَائِمَ رَسْنِهِ بِخِدَامِهِ |
يا لائمَ المشتاقِ في أطرابهِ | مَهْلاً، إِليْكَ؛ فَلَسْتَ مِنْ لُوَّامِهِ |
أظننتَ لوعتهُ فكاهة َ مازحٍ | فطفقتَ تعذلهُ على تهيامهِ ؟ |
إنْ كنتَ تنكرُ شجوهُ ، فانظرْ إلى | أَنْفَاسِهِ، وَدُمُوعِهِ، وَسَقَامِهِ |
صبٌّ ، برتهُ يدُ الضنى ؛ حتى اختفى | عَنْ أَعْيُنِ الْعُوَّادِ غَيْرَ كَلاَمِهِ |
نَطَقَتْ مَدَامِعُهُ بِسِرِّ ضَمِيرِهِ | وَذَكَتْ جَوَانِحُهُ بِنَارِ غَرَامِهِ |
طَوْراً يُخَامِرُهُ الذُّهُولُ، وَتَارَة ً | يبكي بكاءَ الطفلِ عندَ فطامهِ |
يصبو إلى َ بانِ العقيقِ ، وَ رندهِ | وَعَرَارِهِ، وَبَرِيرِهِ، وَبَشَامِهِ |
وادٍ ، سرى في جوهِ كنسيمهِ | وَبَكَى عَلَى أَغْصَانِهِ كحَمَامِهِ |
أَرِجُ النَّبَاتِ، كَأَنَّمَا غَمَرَ الثَّرَى | طيباً مرورُ ” الخضرِ ” بينَ إكامهِ |
مَالَتْ خَمَائِلُهُ بِخُضْرِ غُصُونِهِ | وَصَفتْ مَوَارِدُهُ بِزُرْقِ جِمَامِهِ |
يا صاحبي ! إنْ جئتَ ذياكَ الحمى | فَاحْذَرْ عُيُونَ الْعِينِ مِنْ آرامِهِ |
وَاسْأَلْ عَنِ الْبَدْرِ الَّذِي كَسَمِيِّهِ | فِي نُورِ غُرَّتِهِ، وَبُعْدِ مَرَامِهِ |
فَإِنِ اشْتَبَهْتَ، وَلَمْ تَجِدْ لَك هَادِياً | فَاسْمَعْ أَنِينَ الْقَلْبِ عِنْدَ خِيَامِهِ |
فبذلكَ الوادي غزالة ُ كلة ٍ | تَرْوِي حَدِيثَ الْفَتْكِ عَنْ ضِرْغامِهِ |
ضَاهَتْ بِقَامَتِها سرَاحَ قَنَاتِهِ | وَحَكَتْ بِلَحْظَتِهَا مَضَاءَ حُسَامِهِ |
هيَ مثلهُ في الفتكِ ، أوْ هوَ مثلها | سِيَّانِ وَقْعُ لِحَاظِهَا وسِهَامِهِ |
فَسَقَى الْحِمَى دَمْعِي ـ إِذَا ضنَّ الْحيَا | بجمانِ درتهِ سلافة َ جامهِ |
مَغْنًى ، رَعَيْتُ بِهِ الشَّبِيبَة َ غَضَّة ً | وَرَوَيْتُ قَلْبِي مِنْ سُلاَفِ غَمَامِهِ |
فنسيمُ روحي منْ أثيرِ هوائهِ | وَقِوَامُ جِسْمِي مِنْ مِزَاجِ رَغَامِهِ |
لاَ يَنْتَهي شَوْقِي إِلَيْهِ. وَقَلَّمَا | يسلو حمامُ الأيكِ عنْ ترنامهِ |
يا حبذا عصرُ الشبابِ ، وحبذا | رَوْضٌ جَنَيْتُ الْوَرْدَ مِنْ أَكْمَامِهِ |
عصرٌ ، إذا رسمَ الخيالُ مثالهُ | فِي لَوْحِ فِكْرِي لاَحَ لِي بِتَمَامِهِ |
إِنِّي لأَذْكُرُهُ، وَأَعْلَمُ أنَّنِي | باقٍ على َ التبعاتِ منْ آثامهِ |
مَا كَانَ أَحْسَنَ عَهْدَهُ لَوْ دَامَ لِي | مِنْهُ الْوِدَادُ. وَكَيْفَ لِي بِدَوَامِهِ؟ |
وَ الدهرُ مصدرُ عبرة ٍ لوْ أننا | نَتْلُو سِجِلَّ الْغَدْرِ مِنْ آثامِهِ |
عَمْرِي، لَقدْ رَحَلَ الشَّبَابُ، وَعَادَنِي | شَيْبٌ تَحَيَّفَ لِمَّتِي بِثَغَامِهِ |