أَرَاكَ الْحِمَى ! شَوْقِي إِلَيْكَ شَدِيدُ
أَرَاكَ الْحِمَى ! شَوْقِي إِلَيْكَ شَدِيدُ | وصبرى ونومى فى هواكَ شريدُ |
مضى زمنٌ لم يأتنى عنكَ قادمٌ | ببشرى ، ولم يعطف على َّ بريدُ |
وَحِيْدٌ مِنَ الْخُلاَّنِ في أَرْضِ غُرْبَة ٍ | أَلاَ كُلُّ مَنْ يَبْغِي الْوَفَاءَ وَحِيدُ |
فهل لغريبٍ طوحتهُ يدُ النَّوى | رجوعٌ ؟ وهل للحائماتِ ورودُ ؟ |
وهل زمنٌ ولَّى ، وعيشٌ تقيضَت | غَضَارَتُهُ بَعْدَ الذَّهَابِ يَعُودُ؟ |
أُعَلِّلُ نَفْسِي بالْقَدِيمِ، وَإِنَّمَا | يَلَذُّ اقْتِبالُ الشَّيءِ وَهْوَ جَدِيدُ |
وما ذكرِى َ الأيَّامَ إلاَّ لأنَّها | ذِمامٌ لعرفانِ الصِّبا وعهودُ |
فليسَ بمفقودٍ فتى ً ضمَّهُ الثَرى | ولكنَّ من غالَ البِعادُ فقيدُ |
ألا أيُّها اليومُ الَّذى لم أكنْ لهُ | ذكوراً ، سِوى أَن قيلَ لى هوَ عيدُ |
أَتَسْأَلُنَا لُبْسَ الْجَدِيدِ سَفَاهَة ً | وأثوابنا ما قَدْ علِمْتَ حديدُ ؟ |
فَحَظُّ أُناسٍ مِنْهُ كَأْسٌ وقَيْنَة ٌ | وحظُّ رجالٍ ذُكرَة ٌ ونشيدُ |
لِيهنَ بهِ منْ باتَ جذْلانَ ناعماً | أَخَا نَشَوَاتٍ ما عَلَيْهِ حَقُودُ |
ترى أَهلَهُ مستَبشرينَ بِقربِهِ | فَهُمْ حَوْلَهُ لا يَبْرَحُونَ شُهُودُ |
إذا سارَ عنهُمْ سارَ وهو مكرَّمٌ | وإن عادَ فيهِمْ عادَ وهوَ سعيدُ |
يُخَاطِبُ كُلاًّ بِالَّذِي هُوَ أَهْلُهُ | فمُبدئُ شُكرٍ تارة ً ومعيدُ |
فَمَنْ لِغَرِيبٍ «سَرْنَسُوفُ» مُقَامُهُ | رَمَتْ شَمْلَهُ الأَيَّامُ، فَهْوَ لَهِيدُ |
بِلاَدٌ بِهَا ما بِالجَحِيمِ، وإِنَّمَا | مكانَ اللَّظى ثلجٌ بها وجليدُ |
تجمَّعتِ البُلغارُ والرُّومُ بينَها | وزَاحَمَهَا التَّاتَارُ، فَهْيَ حُشُودُ |
إِذا رَاطَنُوا بَعْضاً سَمِعْتَ لِصَوْتِهِمْ | هَديداً تكادُ الأَرضَ منهُ تميدُ |
قِباحُ النَّوَاصِي والْوُجُوهِ، كَأَنَّهُمْ | لِغَيْرِ أَبِي هَذَا الأَنَامِ جُنُودُ |
سَواسِيَة ٌ، لَيْسُوا بِنَسْلِ قَبيلَة ٍ | فَتُعرفَ آباءٌ لهُم وجدودُ |
لَهُم صُوَرٌ ليسَتْ وجُوهاً ، وإنَّما | تُناطُ إليها أعيُنٌ وخُدودُ |
يَخُورُونَ حَوْلِي كَالعُجُولِ، وبَعْضُهُمْ | يُهَجِّنُ لحنَ القولِ حينَ يُجيدُ |
أَدورُ بِعَينى لا أرى بينَهُمْ فتى ً | يَرودُ معِى فى القولِ حَيثُ أَرودُ |
فَلاَ أَنَا مِنْهُمْ مُسْتَفِيدٌ غَريبَة ً | وَلاَ أَنَا فِيهمْ ما أَقَمْتُ مُفِيدُ |
فَمَنْ لِي بِأَيَّامٍ مَضَتْ قَبْلَ هَذِهِ | بمِصْرَ ؟ وعيشى لو يدومُ حَميدُ |
عسى اللهُ يَقضى قُربَة ً بعدَ غُربَة ٍ | فَيَفْرَحَ باللُّقْيَا أَبٌ وَوَلِيدُ |