بَكرَ النَدى ، وترفعَ السدَفُ
بَكرَ النَدى ، وترفعَ السدَفُ | وَأَتَتْ وُفُودُ اللَّهْوِ تَخْتَلِفُ |
وَدَعَتْ إِلَى شُرْبِ الصَّبُوحِ وقَدْ | رَقَّ الظَّلامُ حَمائمٌ هتفُ |
فانهَض على قَدمِ الربيعِ ، فَما | فى نَيلِ أيَّامِ الصبا سَرَفُ |
وانظُر ، فَثمَّ غَمامة ٌ أنفٌ | تُولِى الجميلَ وروضة ٌ أُنفُ |
زَهْرٌ يَرفُّ عَلَى كَمَائِمِهِ | وَنَدًى يَشِفُّ، وَمُزْنَة ٌ تَكِفُ |
فالطَّلُ مُنتثِرٌ ، ومُنتظِمٌ | وَالْغُصْنُ مُفْتَرِقٌ، وَمُؤْتَلِفُ |
والروضُ يَرفلُ فى مُعصفرة ٍ | بِالزَّهْرِ لِلأَبْصَارِ تَخْتَطِفُ |
عُنِى َ الرَبيعُ بِنَسجِ بُردَتِها | إِنَّ الرَّبِيعَ لَصَانِعٌ ثَقِفُ |
لاَ شَيْءَ أَحْسَنُ مِنْ بُلَهْنِيَة ٍ | فى العيشِ قَلَّدَ جيدَها الشَغَفُ |
وعَصابة ٍ غلبَ الكمالُ على | أخلاقِهِم وغذاهمُ التَرفُ |
نازعتُهُم طَرَفَ الحديثِ وقد | جَرَتِ الكؤوسُ بِنا ، فما اختلفوا |
قَلْبِي بِهِمْ كَلِفٌ، وَنَاظِرَتِي | عن حُسنهم تاللهِ تَنحَرِفُ |
فَمحبَّتى لَهمُ كما عَرفوا | صِدْقٌ، وَوجْدِي فَوْقَ مَا أَصِفُ |
للهِ أيَّامٌ بِهِم سَلَفت | لَو أنَّها بِالوصلِ تؤتنفُ |
إِذْ لِمَّتِي فَيْنَانَة ٌ، وَيَدِي | فوقَ الأَكُفِّ ، وقامَتى ألِفُ |
أجرِى على إثرِ الشبابِ ، ولا | يَمْشِي إِلَى سَاحَاتِيَ الْجَنَفُ |
ضَافي الْغَدِيرَة ِ، عَارِمٌ شَرِسٌ | صَعْبُ الْمَرِيرَة ِ، سَادِرٌ أَنِفُ |
إِنْ سِرْتُ سَارَ النَّاسُ لِي تَبَعاً | وَإِذَا وَقَفْتُ لِحَاجَة ٍ وَقَفُوا |
فَالآنَ أصْبحُ طائِرِى وَقِعٌ | بَعْدَ السُمُوِ وَصَبْوَتى أَسَفُ |
وَغَدَوْتُ بَعْدَ الْكِبْرِياءِ عَلَى | كُلَّ الْوَرَى بِالْعَجْزِ أَعْتَرِفُ |
وَكَذَلِكَ الأَيَّامُ ، آخِرُها | بَعْدَ الشَبَابِ الضَعْفُ وَالخَرَفُ |
وَالْمَرْءُ مَهْمَا طَالَ طَائِلُهُ | يَوْماً لِصَائِبَة ِ الرَّدَى هَدَفُ |
فَلَبِئْسَ مَا قَدِمَ الْمَشِيبُ بِهِ | وَلَنِعْمَ مَا وَلَّى بِهِ السَّلَفُ |