أينَ ليالينا بِوادى الغضَى ؟
أينَ ليالينا بِوادى الغضَى ؟ | ذَلكَ عَهْدٌ لَيْتَهُ مَا انْقَضَى |
كُنْتُ بِهِ مِنْ عِيشَتِي رَاضِياً | حَتَّى إِذَا وَلَّى عَدِمْتُ الرِّضَا |
أَيَّامُ لَهْوٍ وَصِباً، كُلَّمَا | ذَكَرْتُهَا ضَاقَ عَلَيَّ الْفَضَا |
فَآهِ مِنْ دَهْرٍ بِأَحْكَامِهِ | جَارَ عَلَيْنَا، وقضى ما قَضَى ! |
أَيَّ قِنَاعٍ مِنْ شَبَابٍ سَرَا؟ | وأى َّ ثوبٍ من نعيمٍ نَضا ؟ |
قد بيَّض الأسودَ من لِمَّتى | يَا لَيْتَهُ سَوَّدَ ما بَيَّضَا |
عَهْدٌ كَطَيْفٍ زَارَ، حَتَّى إِذَا | أشرقَ صبحٌ من مشيبى مضى |
ما كانَ إلاَّ كنسيمٍ سرى | وعارضٍ غامَ ، وبرقٍ أضا |
وَلَّى ، وَلَمْ يُعْقِبْ سِوَى حَسْرَة ٍ | بَيْنَ الْحَشَا، كَالصَّارِمِ الْمُنْتَضَى |
لَوْلا الْغَضَا ـ وَهْوَ مَطافُ الْهَوَى | مَا شَبَّ في قَلْبِيَ جَمْرُ الْغَضَى |
أَسْتَوْدِعُ اللَّهَ بِهِ شَادِناً | عذَّبنى بالصدِّ ، بل أرمضا |
مُعْتَدِلُ الْقَامَة ِ، ذُو لَحْظَة ٍ | تَعَلَّمَ الْخَطِّيُّ مِنْهُ الْمَضَا |
ظَبى ُ حِمى ً ، مذ غربتْ شمسهُ | عن ناظرى بالبينِ ما غمَّضا |
قَدْ سَرَّنِي حينَ أَتَى مُقْبِلاً | وساءنى حينَ مَضى مُعرِضاً |
حَمَّلَنِي مِنْ وَجْدِهِ لَوْعَة ً | لو نهضَ الدهرُ بها خفَّضا |
قد أخذَ النومَ ، وما ردَّهُ | واستلبَ القلبَ ، وما عوَّضا |
ما بالهُ ماطلَ فى وعدهِ ؟ | أَلَمْ يَحِنْ لِلدَّيْنِ أَنْ يُقْتَضَى ؟ |
قَاضَيْتُهُ عِنْدَ مَلِيكِ الْهَوَى | فغلَّ حقِّى ، وأساءَ القضا |
فَمَنْ لَهُ أَشْكُو وَقَدْ سَامَنِي | جَوراً ؟ وحقُّ الجورِ أن يُرفضا |
تاللهِ لولا خَوفُ هِجرانهِ | مَا بَاتَ قَلْبِي عَانِياً مُحْرَضَا |
فإنَّ لى من عزمتى صاحِباً | يَمنعُنى فى الروعِ أن أدحضا |
ولَستُ مِمَّنْ إن دجا حادِثٌ | ألقى زِمامَ الأمرِ أو فوَّضا |
لكنَّنى ألقى الردى حاسِراً | وَأَصْدَعُ الْخَصْمَ إِذَا عَرَّضَا |
أَسْتَحْقِبُ الشَّهْدَ لِمَنْ وَدَّنِي | وَأَنْفُثُ السُّمَّ لِمنْ أَبْغَضَا |
جَرَّدتُ نفسِى لِطِلابِ العُلا | والسَّيْفُ لاَ يُرْهَبُ أَوْ يُنْتَضَى |
وَلِي مِنَ الْقَوْلِ نَصِيرٌ، إِذَا | دَعَوْتُهُ في حَاجَة ٍ أَوْفَضَا |
سَلْ عَنِّيَ الْمَجْدَ، وَلاَ تَحْتَشِمْ | فالمجدُ يدرى أى َّ سيفٍ نضا |