أربَّة ُ العودِ ، أم قمريَّة ُ السَّحرِ
أربَّة ُ العودِ ، أم قمريَّة ُ السَّحرِ | غَنَّتْ فَحَرَّكَتِ الأَشْجَانَ بِالْوتَرِ؟ |
حَوْرَاءُ لِلسِّحْرِ فِي أَلْحَاظِهَا أَثَرٌ | يُريكُ أنَّ الرُّقى ضَربٌ منَ الهذَر |
لَوْ لَمْ تَكُنْ قَمراً فِي الْحُسْنِ مَا ظَهَرَتْ | لأعينِ النَّاسِ فى ليلٍ مِنَ الشَّعَر |
أَمْلَتْ عَلَيَّ بِلَحْظَيْهَا حَدِيثَ هَوى ً | عرفتُ منهُ ضَميرَ العينِ بِالأثرِ |
كأنَّما بينَ جفنيها إذا نظَرَت | ” هاروتُ ” يعبَثُ بالألبابِ والفِكرِ |
لاَ غَرْوَ أَنْ هِمْتُ مِنْ وَجْدٍ بِصُورَتِهَا | فَالْحُسْنُ مَشْغَلَة ٌ لِلْعَقْلِ وَالْبَصَرِ |
لا تَقنعُ العينُ منها كلَّما نظرتْ | وكيفَ يقتَنعُ المشتاقُ بالنَظرِ ؟ |
ناغيتُها بلسانِ الشَّوقِ ، فازدهَرت | لِلْحُسْنِ فِي وَجْنَتَيْهَا وَرْدَتَا خَفَرِ |
وَازْوَرَّ حَاجبُهَا عَنْ نَظْرَة ٍ رَشَقَتْ | سَوَادَ قَلْبِي بِسَهْمٍ صِيغَ مِنْ حَوَرِ |
فلم أزَل بِرُقى الأشعارِ أعطِفُها | وَرُقْيَة ُ الشِّعْرِ تُجْرِي الْماءَ فِي الْحَجَرِ |
حتَّى إذا عَلِمت أنِّى بِها كَلِفٌ | وَأَنَّنِي مِنْ تَجَنِّيها علَى خَطَرِ |
تَبَسَّمَتْ، فَجَلَتْ لِلْعَيْنِ مِنْ فَمهَا | يَاقُوتَة ً أُودِعَتْ سَطْرَيْنِ مِنْ دُرَرِ |
فَبِتُّ مِنْ وَصْلِها، في جَنَّة ٍ يَنَعَتْ | أَفْنَانُهَا بِثِمَارِ الأُنْس والْحَبَر |
أبَحتُ للعينِ فيها ما تَقَرُّ بهِ | وَذُدْتُ كَفَّ الصِّبَا عَنْ مَعْقِدِ الأُزُرِ |
حتَّى اشْرَأَبَّتْ عُقَاب الْفَجْرِ، وانْطَلَقَتْ | حمائمُ الشُهبِ من أُحبولة ِ السَحَرِ |
فيا لَها ليلة ً ! كانت برونَقِها | تَارِيخَ لَهْوٍ لِمَا أَحْرَزْتُ مِنْ وَطَرِ |
وَسَمْتُهَا بِضِياءِ الْكَأْسِ، فَالْتَمَعتْ | وَزِينَة ُ الدُّهْمِ في الأَوْضَاحِ وَالْغُرَرِ |
لو كانَ يسمحُ لى دهرى بِعودتِها | لَبِعْتُ فِيها لَذِيذَ النَّوْمِ بِالسَّهَرِ |
ولَّتْ ، فلم يبقَ مِنها غيرُ فَذلَكة ٍ | تَلوحُ فى دَفترِ الأوهامِ والذُكَرِ |
وأى ُّ باقٍ على الأيامِ نَطلبهُ | وَكُلُّ وَارِدَة ٍ يَوْماً إِلَى صَدَر |
فَلاَ تَثِقْ بِوَفَاءِ الدَّهْرِ، إِنَّ لَهُ | غَدراً يفوِّقُ بينَ العودِ والثمرِ |
ولا تَغرَّنْكَ من وَجهٍ بشاشَتهُ | فَالسَّمُّ يُوجَدُ في نَضْرٍ مِنَ الشَّجَرِ |
قد كِدتُ أُتهمُ ظنِّى فى فِراستهِ | مِنْ طُولِ مَا اشْتَبَهَتْ عَيْنَايَ فِي الصُّوَرِ |
فَخُذ لِنفسكَ من دنياكَ ما سمحَتْ | بِهِ إِلَيْكَ، وَكُنْ مِنْهَا عَلَى حَذَرِ |
وسالمِ الدهرَ تسلَمْ من غوائلهِ | فَصاحِبُ الشَّرِّ لاَ يَنْجُو مِنَ الْكَدر |
لاَ يَبْلُغُ الْمَرْءُ مَا يَهْواهُ مِنْ أَرَبٍ | إلاَّ بِتَركِ الَّذى يخشاهُ مِن ضَرَرِ |
فانعَمْ وطِب والهُ واطرَبْ واسعَ واعلُ وسُدْ | وَاشْرَبْ وغَنِّ وتِهْ وَالْعبْ وهِمْ وطِرِ |
لاَ يَقْنَطُ الْمَرْءُ مِنْ غُفْرَانِ خَالِقِهِ | ما لم يَكُن كافِراً بالبعثِ والقَدَرِ |