لِهَوَى الْكَواعِبِ ذِمَّة ٌ لاَ تُخْفَرُ
لِهَوَى الْكَواعِبِ ذِمَّة ٌ لاَ تُخْفَرُ | وَأَخُو الْوَفَاء بعَهْدِهِ لاَ يَغْدِرُ |
فعلامَ ينهانى العذُولُ عنِ الصِبا ؟ | أَوَلَيْسَ أَنَّ هَوَى النُّفُوسِ مُقَدَّرُ؟ |
قَدْ كَانَ لِي فِي بَعْضِ مَا صَنَعَ الْهَوَى | عُذرٌ ، ولَكِن أينَ مَنْ يَتَبصَّرُ ؟ |
وَمِنَ الْبَلِيَّة ِ غَافِلٌ عَمَّا جَنَتْ | يَدُهُ عَليَّ، وَلاَئِمٌ لاَ يَعْذِرُ |
لم يَدرِ مَن كَحَلَ الكَرى أجفانَهُ | ماذا يُكابدُ الهوى مَن يَسهَرُ |
يا غافِلاً عنِّى ! وبينَ جوانِحِى | لَهَبٌ يَكادُ لَهُ الحَشا يتَفطَّرُ |
دَعْنِي أَبُثَّكَ بَعْضَ مَا أَنَا وَاجِدٌ | واحكُم بِما تهوى ، فأنتَ مُخيَّرُ |
فَلَوِ اطَّلَعْتَ عَلى تَبَارِيحِ الْجَوَى | لَعلِمتَ أى ُّ دَمٍ بِحُبِّكَ يُهدَرُ |
ما كنتُ أعلمُ قبلَ حُبِّكَ أنَّنى | أُغْضِي عَلى مَضَضِ الْهَوانِ وَأَصْبِرُ |
أَوْرَدْتَنِي بِلِحاظِ عَيْنِكَ مَوْرِداً | لِلْحُبِّ، مَا لِلْقَلْبِ عَنْهُ مَصْدَرُ |
هِى َ نَظرَة ٌ كانَت ذَريعة َ صَبوة ٍ | وَاللَّحْظُ أَضْعَفُ مَا يَكُونُ وَأَقْدَرُ |
ما كنتُ أعلَمُ قبلَ وحى ِ جُفونِها | أَنَّ الْعُيُونَ الْجُؤْذُرِيَّة َ تَسْحَرُ |
ظَلَموا الأسِنَّة َ خاطئينَ ، ولَيتهُم | عَلِموا بِما صنعَ السِنانُ الأحورُ |
أَمُطاعِنَ الفُرسانِ فى حمَسِ الوَغى | أَقْصِرْ، فَرُمْحُكَ عَنْ غَرِيمِكَ أَقْصَرُ |
أَيْنَ الرِّمَاحُ مَنَ الْقُدُودِ؟ وَأَيْنَ مِنْ | لَحْظٍ تَهِيمُ بِهِ السِّنَانُ الأَخْزَرُ؟ |
هَيهاتَ يَثبتُ فى الوقيعَة ِ دارِعٌ | يَسْطُو عَلَيْهِ مُخَلْخَلٌ وَمُسَوَّرُ |
لِلْحُسْنِ أَسْلِحَة ٌ إِذَا مَا اسْتَجْمَعَتْ | فِي حَوْمَة ٍ لا يَتَّقِيهَا مغْفَرُ |
فاللَّحظُ عَضبٌ صارِمٌ ، والهُدبُ نَبـْ | ـلٌ صَائِبٌ، وَالْقَدُّ رُمْحٌ أَسْمَرُ |
أَنَّى يَطِيشُ عَنِ الْقُلُوبِ لِغَمْزَة ٍ | سَهمٌ ، وَقَوسُ الحاجبينِ مُوَترُ ؟ |
يا لَلحميَّة ِ مِن غَزالٍ صَادَنى | وَمِنَ الْعَجَائِبِ أَنْ يَصِيدَ الْجُؤْذَرُ |
بَدْرٌ لَهُ بَيْنَ الْقُلُوب مَنَازِلٌ | يَسرِى بِها ، ولِكلِّ بَدرٍ مَظهَرُ |
اُنظُر لِطرَّتهِ وغُرَّة ِ وجههِ | تَلْقَ الْهِدَايَة َ، فَهْوَ لَيْلٌ أَقْمَرُ |
نادَيتُ لَمَّا لاحَ تَحتَ قِناعهِ : | هَذَا «الْمُقَنَّعُ» فَاحْذَرُوا أَنْ تُسْحَرُوا |
طَبَعتهُ فى لوحِ الفُؤادِ مَخيلَتى | بِزُجَاجَة ِ الْعَيْنَيْنِ، فَهْوَ مُصَوَّرُ |
وَسَرَتْ بِجِسمى كَهرَباءة حُسنهِ | فَمِنَ الْعُرُوقِ بِهِ سُلُوكٌ تُخْبرُ |
أنا مِنهُ بينَ صَبابة ٍ لا يَنقَضى | مِيقاتُها ، وَمَواعِدٍ لا تُثمِرُ |
جسمٌ برَتهُ يَدُ الضَّنى ، حتَّى غدا | قَفَصاً بهِ لِلْقَلْبِ طَيْرٌ يَصْفِرُ |
لَولا التنَفسُ لاعتَلَت بِى زَفرَة ٌ | فَيَخَالُني طَيَّارَة ً مَنْ يُبْصرُ |
لاَ غَرْوَ أَنْ أَصْبَحْتُ تَحْتَ قِيادِهِ | فَالحُبُّ أَغلَبُ لِلنُّفوسِ وأَقهَرُ |
يَعْنُو لِقُدْرَتِهِ الْمَلِيكُ الْمُتَّقَى | ويَهابُ صَولَتَهُ الكَمِى ُّ القَسوَرُ |
والعِشقُ مَكرُمَة ٌ إذا عَفَّ الفَتَى | عَمَّا يَهِيمُ بِهِ الْغَوِيُّ الأَصْوَرُ |
يَقْوَى بِهِ قَلْبُ الْجَبَانِ، وَيَرْعَوِي | طَمَعُ الْحَرِيصِ ويَخْضَعُ الْمُتَكَبِّرُ |
فَتَحَلَّ بِالأَدَبِ النَّفِيسِ، فَإَنَّهُ | حَلْيٌ يَعِزُّ بهِ اللَّبِيبُ وَيَفْخَرُ |
وإذا عَزَمتَ فَكُن بِنَفسِكَ واثِقاً | فَالمُسْتَعزُّ بِغَيرهِ لا يَظفَرُ |
إِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَرْءِ مِنْ بَدَهَاتِهِ | فى الخَطبِ هادٍ خانَهُ مَن يَنصُرُ |
وَاحْذَرْ مُقَارَنَة َ اللَّئِيمِ وَإِنْ عَلاَ | فالمرءُ يُفسِدُهُ القَرينُ الأحقَرُ |
ومِنَ الرِّجالِ مَناسِبٌ مَعروفَة ٌ | تَزكو مَوَدَّتها ، ومِنهُم مُنكَرُ |
فَانْظُرْ إِلى عَقْلِ الْفَتَى لا جِسْمِهِ | فالمَرءُ يَكبرُ بِالفِعالِ ويَصغُرُ |
فَلَرُبَّمَا هزَمَ الْكَتِيبَة َ وَاحِدٌ | ولَرُبَّما جَلَبَ الدنيئة َ مَعشَرُ |
إنَّ الجَمالَ لَفى الفُؤاد ، وإنَّما | خَفِيَ الصَّوَابُ لأَنَّهُ لا يَظْهَرُ |
فاخترْ لنَفسِكَ ما تعيشُ بِذِكرِهِ | فالمرءُ فى الدُنيا حَديثٌ يُذكَرُ |