www.omferas.com
شبكة فرسان الثقافة

بانتظار من يحترم عقولنا – فهمي هويدي

0

الخبر السيئ أن يتحدث المجلس العسكري عن المتظاهرين والمعتصمين باعتبارهم بلطجية وعاطلين ومخربين. أما الخبر الأسوأ فأن يكون أعضاؤه مقتنعين بذلك.

بانتظار من يحترم عقولنا – فهمي هويدي

http://fahmyhoweidy.blogspot.com/2011/12/blog-post_21.html
الخبر السيئ أن يتحدث المجلس العسكري عن المتظاهرين والمعتصمين باعتبارهم بلطجية وعاطلين ومخربين.
 أما الخبر الأسوأ فأن يكون أعضاؤه مقتنعين بذلك.
 
الخبر الأول قدمه إلينا أمس الأول عضو المجلس العسكري اللواء عادل عمارة واستشهد في تأييد كلامه بتسجيلات مصورة قدمت لنا نماذج من أولئك البلطجية ومشاهد دالة على التخريب الذي حدث لبعض المنشآت العامة، وفي المقدمة منها مبنى المجمع العلمي المصري.
وشاءت الأقدار أن نشاهد على شاشات التليفزيون في مساء اليوم ذاته (الاثنين 19/12) نماذج أخرى من المتظاهرين تحدثت عنها بعض البرامج الحوارية. فعرفنا الكثير عن العالم الجليل الذي قتل بالرصاص الحي، والطبيب النادر الذي بكته كلية طب عين شمس.
والصيدلانية الشجاعة التي انهالوا عليها بالضرب وسحلوها، وعدد آخر من النشطاء والمهنيين والجامعيين الذين امتلأت بهم مستشفيات وسط البلد.
إضافة إلى مسؤول المستشفى الميداني الذي جرى تحطيمه، ونالته ضربة أدمت رأسه المعصوب.
لم يكن أي من المشهدين ينفي الآخر، لكننا فهمنا أن البلطجية والمخربين كانوا موجودين وأن المتظاهرين الغاضبين الذين لم تكن لهم علاقة بالتخريب، كانوا موجودين أيضا، وبعضهم رأيناه وهو يحاول إنقاذ بعض كتب ونفائس المجمع العلمي من الحريق،
 
والذي لا يستطيع أن ينكره أحد أن المتظاهرين السلميين كانوا هم الأصل، أما البلطجية ومن لف لفهم فإنهم كانوا استثناء، رغم أن الأخيرين هم الذين حظوا بالنصيب الأوفر من التغطية الإعلامية، سواء لأن ما فعلوه كان الأخطر والأكثر إثارة، أو لأن هناك من أراد أن يخُصُّهم بالإبراز لإدانة المتظاهرين وتشويه صورتهم.
 
على الأقل فذلك ما بدا من الشريط الذي عرضه عضو المجلس العسكري، الذي أراد أن يوحي لنا بأن المتظاهرين لم يكونوا سوى عصابات من «الشبيحة» الخارجين على القانون.
هذان الخبران، السيئ والأسوأ، لم يكونا كل ما في الأمر، لأن عضو المجلس العسكري في المؤتمر الصحفي عرض على مسامعنا ثنائية أخرى مماثلة.
 
إذ كانت خلاصة الخبر السيئ الآخر الذي أعلنه أن ثمة مخططا تخريبيا ممنهجا يتم تنفيذه على أرض مصر، مستهدفا إسقاط الدولة.
أما الخبر الأسوأ فإن أجهزة الأمن رغم علمها بذلك فإنها فشلت طوال الأشهر العشرة الماضية في أن تضع يدها على أصحاب ذلك المخطط الجهنمي. بحيث تعين علينا أن نقتنع بوجود المؤامرة دون أن يتوافر لدينا ما يدل على هوية مدبريها أو حتى منفذيها.
لم تكن هذه هي الثغرات الوحيدة في حديث عضو المجلس العسكري، لأن ثغرات أخرى تخللته فأضعفت منه كثيرا، ولو أن لدينا آلية لقياس مؤشرات أصداء المؤتمر كما يحدث مع أسهم البورصة، لاكتشفنا بأن أسهم المجلس العسكري انخفضت كثيرا بعد ذلك المؤتمر، وأن حصيلته كانت خصما من رصيده، فلا هي حافظت على الرصيد المتآكل، ولا هي أضافت إليه شيئا.
من الثغرات الأخرى التي تخللت الخطاب أن اللواء عادل عمارة نسي أنه عضو في هيئة تحكم البلد وتدير سياسته، وتكلم بحسبانه قائدا عسكريا يخاطب جنود الوحدة الذين يأتمرون بأمره.
وحين أطل علينا بزيه العسكري كاملا فكأنه أراد أن يقول لنا:
انتبهوا جيدا إلى من يكلمكم.
 ولأنه جاء مستغرقا في الدور فإنه وجه خطابه بالأساس إلى القوات المسلحة ولم يفته أن ينوه ويحذر من أن الجيش خط أحمر، وهو ما نوافق عليه بطبيعة الحال بعد إضافة أخرى بسيطة تذكر أن الشعب بدوره خط أحمر،
 وأن شرعية الجيش ليست مستمدة من أسباب القوة التي يملكها، لكنها مستمدة بالدرجة الأولى من قدرته على الدفاع عن كرامة الوطن والمواطنين.
لم يعترف عضو المجلس العسكري بأي خطأ وقع، ولم يعتذر عن أي إهدار لكرامة المواطنين، رغم تعدد الأخطاء وثبوت ذلك الإهدار.
وحين وجد نفسه مضطرا للاعتراف بصحة صورة هتك عرض إحدى المتظاهرات، فإنه حاول تبرير ذلك بدعوة السامعين إلى تقدير الحالة النفسية والسياق الذي كان سائدا وقتذاك، وكل ما قاله إن الموضوع محل تحقيق.
أنكر السيد اللواء أن هناك أمرا صدر بفض الاعتصام بالقوة. وكنت قد أشرت مرتين من قبل إلى أن فض اعتصام ميدان التحرير في 19 نوفمبر كان بناء على أمر صدر من المراجع العليا، ولم يعلم به وقتذاك لا رئيس الوزراء ولا وزير الداخلية.
وهو ما أيده الدكتور علي السلمي نائب رئيس الوزراء في حكومة الدكتور عصام شرف، في حديثه الذي نشرته صحيفة «المصري اليوم» أمس الأول 19/12.
إن ردود الأفعال على خطاب اللواء عمارة التي توالت خلال اليومين الماضيين تكاد تجمع على أنه لم يكن موفقا أو مقنعا.
ومادام الرجل قد اختار أن يخاطب القوات المسلحة، فأرجو ألا يطول انتظارنا لمن يوجه خطابه إلى الرأي العام المصري محترما عقله وذكاءه.
…………..

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.