www.omferas.com
شبكة فرسان الثقافة

الفارون- آداب عبد الهادي

0

حدثني أحدهم بعد لقاء عابر بأحد المسؤولين العراقيين المقيمين في سوريا وبعد أن كان هذا المسؤول قد شتم الرئيس الراحل صدام حسين بالآتي: قال لي: هذا الرجل الذي شتم الآن الرئيس صدام حسين تقدم منه في إحدى المرات أثناء أحد احتفالات القوات المسلحة العراقية وكانت معه ابنته اليافعة وقال له بالحرف الواحد : (سيدي أنا وبنتي فدوى لك)

الفارون- آداب عبد الهادي    

 حدثني أحدهم بعد لقاء عابر بأحد المسؤولين العراقيين المقيمين في سوريا وبعد أن كان هذا المسؤول قد شتم الرئيس الراحل صدام حسين بالآتي: قال لي: هذا الرجل الذي شتم الآن الرئيس صدام حسين تقدم منه في إحدى المرات أثناء أحد احتفالات القوات المسلحة العراقية وكانت معه ابنته اليافعة وقال له بالحرف الواحد : (سيدي أنا وبنتي فدوى لك) ثم جرح يده ويد ابنته وقال له (سيدي نحن فدوى لك،  دماؤنا فداء لك ودم ابنتي فدوى لك سيدي).  وبعد اعتقال الرئيس صدام وفر من فر ممن كانوا يصرخون بالروح بالدم نفديك  كان هذا الرجل قد فر معهم وآتى سوريا. في حادثة أخرى تابعناها  جميعاً أو معظمنا من خلال عروض على شاشات التلفاز أيام العروض العسكرية السوفياتية في الإمبراطورية  التي سادت ثم بادت، كنا نرى في تلك العروض سيما أيام ستالين كيف يقدم الجيش الأحمر استعراضاته العسكرية كان مئات الآلاف من الجنود السوفييت يقدمون عروضهم وهم يخبطون الأرض خبطة رجل واحد  وكأنهم قدم واحدة، كانوا يعبرون المنصة التي يقف عليها ستالين وهو يبادلهم التحية العسكرية عندما يمرون أمامه ، كانت الأرض تهتز تحت أقدامهم فتهتز الأبنية المجاورة لها وتكاد تتحطم من قوة خبطاتهم وفي لحظة مرورهم من أمام ستالين يصرخون بصوت واحد (هوري….هوري) أي (عاش) فتتزامن أصواتهم مع خبطات أقدامهم وفي هذه اللحظة تماماً تطلق المدفعيه طلقاتها فتهتز الأرض والسماء معاً في لحظة واحدة، ويخيل لمن يتابعها كأن السماء انفلقت والأرض زلزلت. عندما انهار الاتحاد السوفياتي لم نجد أيا من هؤلاء يطلقون طلقة واحدة أو يلقون أي تصريح ولم نسمع من أي منهم كلمة (هوري) بل اختفى الجيش الروسي والشعب الستاليني وتفكك الاتحاد السوفياتي الإمبراطورية العظيمة بأيام قليلة وكانت وكأنها حلم. وفي سوريا أيام الوحدة خرجت مسيرة مؤيدة لجمال عبد الناصر تنادي بحياته وبالروح والدم، وفي أثناء المسيرة صدر بيان من المجلس العسكري يقول إن الوحدة انفصلت  وكيف تناهى الخبر بسرعة إلى المسيرة المؤيدة لا أدري لكن ما سمعته من ناس تلك الفترة هو أن المسيرة ذاتها غيرت في نفس اللحظة هتافاتها وبدلاً من (بالروح بالدم نفديك يا جمال) أصبحت (برا برا ارحل برا يا جمال). مواقف مضحكة ومثيرة للتساؤل لكنها بالطبع لا تستدعي منا إعادة دراسة سيكولوجية الشعوب والجماعات لنعرف الجواب عن هذا التساؤل. لأن ما علينا أن نتساءل عنه هو أين أبو (فدوى للرئيس صدام) بعد اعتقاله، أين هو بعد إعدامه وأين هو بعد تدمير العراق وتحويل الشعب العراقي العظيم إلى مشردين ولاجئين، وأين جماعة (هوري) لستالين والاتحاد السوفياتي أمامهم ينهار ويتفكك دولة بعد أخرى  أين هم جماعة هوري ولم يبقى من ستالين والاتحاد السوفياتي أي أثر. وسؤالي الأهم هو: هل يصدق ويثق الزعماء العرب بمن يهتف لهم بالروح وبالدم الجواب والمشكلة أنهم يصدقون ويثقون ولا يتعلمون من الدروس لا من أنفسهم ولا من الآخرين، وليست العبرة بالملايين التي ترفع عقيرتها وتهتف بالروح وبالدم وإنما العبرة بالعشرات التي تصدح بـــ(الشعب يريد إسقاط النظام).                                                 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.