هون عليك فإن الرزق مقسوم
هون عليك فإن الرزق مقسوم | والعمر في اللوح محدود ومعلوم |
فلا يزيد على ما خط منه كما | لا يدفع الجبن ما في الغيب محتوم |
فبذلك الجهد في سعي تروم به | زيادة الرزق جهل منك مذموم |
وصونك النفس عن موت تصادفه | وقد تأجل حمق فيك مرسوم |
فهل تعجل عن ميقات موعده | لقادم في الوغى والحرب مضروم |
أم هل تأخر عنه لحظة لأخي | جبن تحدر عنه وهو مهضوم |
كلا وربك لا يجدي الفرار كما | لا ينقص العمر إقدام وتصميم |
ففي الشجاعة نيل المجد قاطبة | وفي الجبانة كل الذم محتوم |
وفي الشجاعة حصن لا انهدام له | وفي الجبانة إلقاء وتسليم |
كم قادم عاش بالإقدام أزمنة | وناله في العلى عز وتكريم |
ومحجم كان في الإحجام مهلكه | وناله منه في الدارين تحريم |
فاختر لنفسك أي الحالتين ترى | إن الكريم عن الإذلال معصوم |
واعلم بأنك إن تلق العدو على | صبر تلقاك من عينيه تعظيم |
وإن رآك أخا عجز وذا جزع | أذاقك الهون من كفيه تثليم |
إن الجبان وإن جلت منازله | وزاد في عيشه فضل وتنعيم |
مثل السمين من الأنعام يذبح إن | أرضاهم سمنه والشبه مفهوم |
فكن هماما تذيب الصخر سطوته | وبأسه منه صرف الدهر مظلوم |
والبس صفات أبي عيسى فتحمد في | داريك إن أبا عيسى لصهميم |
مهذب الرأي كل المجد في يده | مسدد القصد بالخيرات موسوم |
ترى العواقب من مرآة فكرته | وقد تلقاه للأشيا مفاهيم |
له التجارب قد أبدت عجائبها | وفي التجارب بعض الغيب مرسوم |
له الممالك قد ألقت أزمتها | فآب والعز في كفيه مزموم |
فأوسع الخلق من علم ومن كرم | وسؤدد فاخر بالعدل مختوم |