بنى الأرض هل من سامع فأبثَّهُ
بنى الأرض هل من سامع فأبثَّهُ | حديث بصير بالحقيقة عالم |
جُبِلنا على حب الحياة وإنها | مخيفة أحلام أطافت بحالم |
سعى الناس والاقدار مخبوءَة لهم | وناموا وما ليل الخطوب بنائم |
جرت سفن الايام مشحونة ً بنا | على بحر عيش بالردى متلاطم |
تأملت في الاحياءِ طراً فلم اجد | بهم باسماً إلا على ألف واجم |
وربَّ سعيد واحد تمَّ سعده | بالف شقيّ في المعيشة راغم |
وما المرءُ إلا دَوْحة في تنوفة | مُلَوَّحة ُ أغصانها بالسمائم |
لها ورَقٌ قد جف إلا أقله | وعيدانها بين النُّيوب العواجم |
ولا بد أن تُجْتَثَّ يوما جُذورها | وتَقلعها إحدى الرياح الهواجم |
ارى العمر مهما ازداد يزداد نقصه | إذن نحن في نقص من العمر دائم |
ولولا انهدام في بناء جسومنا | لما احتيج في تعميرها للمطاعم |
لحى الله بأْساءَ الحياة كأننا | نُكبَّلُ من حاجاتها بالأداهم |
نروح كما نغدو تجاهد دونها | أموراً دعتنا لارتكاب الجرائم |
فلو كنت في هذا الوجود مخيراً | وفي عدمي لاخترته غير نادم |
هل الموت إلا سالك وحياتنا | إليه سبيل مستنبين المعالم |
وما زال هذا الدهرُ غضبانَ آخذاً | على الناس من سيف النون بقائم |
تبصّر تجد هذه البسيطة منزلاً | كثير اليتامَى عامراً بالمآتم |
وليس الذي آسى له فقد هالكٍ | ولكن ضياع المفجّعات الكرائم |
أراملُ تستذرى الدموع وحولها | يتامى كأفراخ القطا والحمائم |
وكائن ترَى مخدومة في جلالها | سعتْ حيث أبكاها الردَى سعي خادم |
فليت المنايا حين قوَّضن بيتها | بدا خُلبَّا والشرّ ضربة َ لازم |
أرى الخيرَ في الأحياء ومْضَ سحابة |
|
إذا ما رأينا واحداً قام بانيا | هناك رأينا خلفه ألفَ هادم |
وما جاء فيهم عادل يستميلهمْ | الى الحق الا صدَّه الف ظالم |
جهِلت كجهل الناس حكمة َ خالق | على الخلق طراً بالتعاسة حاكم |
وغاية جهدي انني قد علمته | حكيما تعالى عن ركوب المظالم |
دأبت لنفسي في الحياة كأنني | من العيش مُلقى ً في شدوق الضراغم |
يخاصمني منها على غير طائلٍ | اناس فابدي الصفح غير مخاصم |
وأقنع بالقوت الزهيد لطيبه | حذار وقوعي في خبيث المطاعم |
وأترك ما قد تشتهي النفس نَيْلَه | وما انا في شئٍ عليه يجارم |
إذا جئت بالقلب السليم يجيئني | بقلب له من كثرة الحِقد وارم |