لشغلي بأهل الدهر إحدى العجائب
لشغلي بأهل الدهر إحدى العجائب | وتركي طلاب العدل إحدى المصائب |
فصوبت فكري أي حال يكون لي | منارا به أسمو لأعلى المراتب |
وأي مقام فيه أغدو مجانبا | لأهل الهوى والغي من كل لاعب |
وأي خصال إن تحلى بها الفتى | تميز فيها عن ذوات الجلابب |
وأي طريق أقتفي في سلوكه | سبيل رسول الله زين المناقب |
وفيه رضى الرحمن ربي فلم أرى | سوى طلب العليا لتلك المناصب |
فجشمت نفسي الصعب علما بأن في | تجشمها للصعب درك المآرب |
وأوردتها مر الموارد راجيا | ليحلو لها في المجد ورد المشارب |
وحملتها الصبر الجميل محاولا | بلوغ المنى بالفتح من خير واهب |
وجردت من عزمي بحدي صارما | أقد به هام الخطوب النوائب |
وجبت به شرق البلاد وغربها | وفتشت هذا الناس من كل جانب |
فأمحضتهم نصحي وصفو مودتي | وأودعتهم سري فأخطوا مطالب |
خلا سيدا حاز العلى في مناقب | بقا الدهر عن إحصاء تلك المناقب |
همام له في المجد أصل مؤثل | حمته المعالي بالقنا والقواضب |
نشا في بساط العز طفلا ويافعا | وألقى عليه العدل أثواب راهب |
ترى شخصه فوق السرير وإنه | له همم فوق النجرم الثواقب |
تراه وإن ينأ الملوك كأنه | حواليهم من هوله المتقارب |
فلا تعجبن منهم فقد شاهدوا له | ضرائب ما إن مثلها من ضرائب |
إذا ركب الخيل الجياد وحوله | بنو الحارث الأزدي خير العصائب |
ومن حوله نجلاه عيسى بزهده | وعبد الإله في الوغى ذو الكتائب |
تضيق به شرق البلاد بأهلها | إذا سمعوا أن الفتى بالمغارب |
وقام لنصر الدين والدين دارس | فأحيا به الرحمن مهجة عاطب |
ومن ينصر الرحمن ينصر جنوده | ويمنحه المنان خير المواهب |
ومن تكن الدنيا له غاية المنى | فلا عاش إلا في هوان المصائب |
ومن يرتدِ ثوب المذلة لم يزل | وجدك محفوفا بهول المتاعب |
ومن يتق من مثله ضل رأيه | ولا زال مقرونا بكبرى المعاطب |
ومن يرتض ذل المهانة مركبا | فقد باء مذموما بسوء المراكب |
ومن يمتط في المجد مخطر أمره | فبشره في العقبى بحسن العواقب |
لعمرك إن العز في طلب العلا | وإن تك ناشتك العلا بالمخالب |
ولا خير في عيش مشاب بذلة | وإن يك في روض الجنان الأطائب |
أصالح ركن الدين أمسى مهدما | وأمسى مكان الذكر غي الملاعب |
أصالح أن الجهل أرخى سدوله | وألقى علينا حالكات الغياهب |
أصالح إن العلم أقوت رسومه | وليس له لولاك لهفة نادب |
أصالح إن الناس ألقوا ذمامهم | وما لهم في الله رغبة راغب |
وقد يسر الرحمن كلا لما له | وكنت لنيل المجد من خير كاسب |
فقم وانصر المولى وعد للذي مضى | فلا زلت سعايا لخير المكاسب |
فيمنحك الرحمن فتحا مؤيدا | ويجزيك فيما رمت حسن العواقب |