أَعِد عَلَيَّ حَديثَ المُنحَنى أَعِدِ
أَعِد عَلَيَّ حَديثَ المُنحَنى أَعِدِ | فَقَد ذَكَرتَ فَشَنِّف مِسمَعي وَزِدِ |
فَهوَ الحَديثُ الذي تَجلو بَشاشَتُهُ | عَن قَلبِ كُلِّ تَقِيٍّ طِخيَةَ الكَمَدِ |
هُوَ الذي مَلَأَ الدُنيا بَشائِرُهُ | وَأَرفَلَ الكَونَ في أَثوابِهِ الجُدُدِ |
فَتحٌ بِهِ فُتِحَت لِلدّينِ أَعيُنُهُ | وَقَبلَهُ قَد شَكا مِن عِلِّةِ الرَمدِ |
فَنادِ في الناسِ أَعلى صَوتِ مُرتَفِع | غَرباً وَشَرقاً وَفي البادي وَفي البَلد |
الآنَ حُجّوا بَني الإِسلامِ وَاِعتَمِروا | قَد بَدَّلَ اللَهُ ذاكَ البُؤس بِالرَغَدِ |
فَدَعوَةٌ يا بَني الإِسلامِ جامِعَةٌ | هِنداً وَمِصراً وَمن في صُقعِ ذي العَمدِ |
خُذوا بِحَظِّكُم مِن فُرصَةٍ سَنَحَت | في آخِرِ الدَهرِ لَم تَخطُر عَلى خَلَدِ |
وَأَيقِظوا هِمَماً قَد طالَ ما نَعَسَت | وَأَصبَحَت عَن مَقامِ العِزِّ في صَدَدِ |
هذا أَميرُكُم يا المُؤمِنونَ سَعى | لِرُشدِكُم فَأَجيبوا داعيَ الرَشَدِ |
هذا الذي ضَحِكَ الدَهرُ العَبوسُ بِهِ | وَقَبلَهُ الناسُ كانوا مِنهُ في نَكدِ |
هذا الذي نَعَشَ اللَهُ الأَنامَ بِهِ | يَدعوهُمُ لِلهُدى لَمّا إِلَيهِ هُدي |
يُغضي سَماحاً وَيَعفو مِن سَجِيَّتِهِ | لكِنَّهُ لِلعُصاةِ السُلُّ في الكَبدِ |
قوموا قِياماً عَلى أَقدامِ جِدِّكُمُ | إِنَّ الهُوَينا مَطِيُّ العاجِزِ الوَغِدِ |
هذا يُجاهِدُ بِالروحِ العَزيزِ وَذا | بِمالِهِ وَيَجيءُ اللَهُ بِالمَدَدِ |
لا تَحسَبوا يا بَني الإِسلامِ أَنَّ لَكُم | عِزّاً بِغَيرِ اِجتِماعِ الرَأيِ وَالجَلَدِ |
خُذوا نَصيحَةَ مَن يَعنيهِ أَمرُكُمُ | ما ظَنَّ مِنكُم بِتَقريظٍ وَلا صَفَدٍ |
لا بُدَّ مِن مَلجَإٍ لِلمُسلِمينَ لَهُ | حُرِّيَّةٌ طَلقَةٌ مِن كَفِّ مُضطَهِدِ |
تُخاصِمُ المُعتَدي عَنهُم وَتَدفَعُهُ | قَولاً وَفِعلاً إِذا ما لَجَّ في اللَدَدِ |
وَقَد سَبَرنا وَطَوَّقنا البِلادَ فَلَم | نَقَع مَعَ البَحثِ عَن هذا عَلى أَحَدِ |
إِلّا عَلى مَن أَتَمَّ اللَهُ نِعمَتَهُ | لِلمُسلِمينَ لَهُ في آخرِ الأَبَدِ |
عَبدِ العَزيزِ الذي كانَت وِلايَتُهُ | لِلدّينِ عِزّاً وَلِلدُنيا اِنبِساطَ يَدِ |
فَرعِ الأَئِمةِ مِن أَعلى نِزارَ وَفي | جُرثومَةِ المَجدِ مِن اَعلى بَني أُدَدِ |
صانوا النُفوسَ عَنِ الفَحشا تُدَنِّسُها | وَأَلبَسوها التُقى مَحبوكَةَ الزَرَدِ |
وَقَد رَأَيتُم عِياناً حُسنَ سيرَتِهِ | وَرُؤيَةُ العَينِ تَنفي زورَ ذي الحَسَدِ |
لا مِثلَ مَن فِعلُهُ صَدُّ الأَنامِ عَنِ البَ | يتِ الحَرامِ بِلا نَصٍّ وَلا سَنَدِ |
كَأَنَّهُ ما تَلا ما في الزُبورِ وَما | في سورَةِ الحَجِّ فيمَن هَمَّ بِالصَدَدِ |
وَأَكرَمُ الناسِ عِندَ اللَهِ مَنزِلَةً | مَنِ اِتَّقى اللَهَ قَولُ الواحِدِ الأَحَدِ |
فَقَلِّدوا أَمرَكُم مَن فيهِ رُشدُكُمُ | يا المُسلِمونَ وَشُدّوا مِنهُ بِالعَضُدِ |
فَلَيسَ بِالعاجِزِ المُلقي القِيادَ لِمَن | يَروقُهُ لا وَلا بِالعابِسِ النَكِدِ |
لكِنَّهُ الأَسَدُ الضِرغامُ إِن صَبَثَت | كَفّاهُ بِالضَدِّ أَضحى اللَيثُ كَالنقدِ |
فَيا عَزيزاً عَلى الأَشياءِ مُقتَدِراً | وَمَن عَطاهُ لِمَن قَد شا بِلا عَدَدِ |
أَتِح لِعَبدِ العَزيزِ المُرتَضى مَدَداً | يَحمي بِهِ دينَنا مِن كافِرٍ حَرِدِ |
يَهني الحِجازَ وَمَن والاهُ باكَرَهُم | غَيثٌ هَنيءٌ بِلا بَرقٍ وَلا رَعَدِ |
يُسيمُ مُثريهُم فيهِ وَمُقتِرَهُم | لا يَرهبونَ بهِ مِن سَطوةِ الأَسدِ |
فَأَخلِصوا واجِباً مِن نَصٍّ شَرعِكُمُ | عَلَيكُمُ صَحَّ عن طهَ بِلا فنَدِ |
سَمعاً وَطَوعاً لِمَن وَلّاهُ أَمرَكُمُ | رَبُّ العِبادِ بِلا غِشٍّ وَلا حَقَدِ |
فَإِن أَبَيتُم فَإِنَّ اللَهَ ناصِرُهُ | وَاللَهُ لِلخائِنِ الغَدّارِ بِالرَصَدِ |
الأَمرُ جِدٌّ فَكونوا مِنهُ في حَذَرٍ | لا يَسبِقُ الرَشُّ سَيل العَرمِ بِالبَرَدِ |
إِنَّ الإِمامَ الذي أَنتُم بِعُهدَتِهِ | أَحنى مِنَ الوالدِ الراضي عَن الوَلَدِ |
لكِن لهُ سَطَواتٌ عِندَ غَضبَتِهِ | أَجدِر بِه تَختَلي الأَعلى مِنَ الجَسَدِ |
يَغشى الكَريهَةَ مُحمَرّاً بَواسِقُها | لَها أَجيجٌ كَقَذفِ البَحرِ بِالزَبَدِ |
فَيا مَليكاً سَما في المَجد مَنزِلَةً | أَعيَت مُلوكاً مَضوا مِن سالِفِ الأَمَدِ |
أَولِ الرَعِيَّةَ إِحساناً وَمَغفِرَةً | فَأَنتَ رِدءٌ لَها مِن كُلِّ مُضطَهِدٍ |
فَرُبَّ لَيلَةِ مَظلومٍ يُقَطِّعها | بَعدَ التَحَسُّبِ بِالتَسبيحِ وَالسَهد |
هذا وَإِنّي عَليمٌ أَنَّ سيرَتَكُم | لَسيرَةُ العَدلِ لكِن نُصحَ مُجتَهد |
فَاِصفَح وَقتكَ الردى نَفسي وَما مَلَكَت | كَفّايَ مِن نَشَبٍ أَو كانَ مِن وَلد |
فَلَيسَ إِلّاكَ مَن تَحلو الحَياةُ بِهِ | سَبَرتُ أَهلَ زَماني سَبرَ مُنتَقِدِ |
وَاِنعَم وَدُم سالِماً في ظِلِّ مَملَكَةٍ | عِزّاً لِأَهلِ التُقى ذُلّاً لِكُلِّ رَدي |
وَصَلِّ رَبّي وَسَلِّم دائِماً أَبَداً | عَلى شَفيعِ الوَرى في المَوقِفِ الصخد |
وَآلِهِ الغُرِّ وَالأَصحابِ كُلِّهِمُ | ما اِرتاحَ سَمعٌ لِصوتِ الطّائِرِ الغَرِدِ |