تَهَلَّلَ وَجهُ الكَونِ وَاِبتَسَم السَعدُ
تَهَلَّلَ وَجهُ الكَونِ وَاِبتَسَم السَعدُ | وَعادَ شَبابُ الدَهرِ وَاِنتَظَم العِقدُ |
وَأَصبَحَتِ العَلياءُ يَفتَرُّ ثَغرُها | وَقد كانَ فيها عَن جَميع الوَرى صَدُّ |
لَوَت جيدَها نَحوَ الذي كانَ كَفؤَها | سعودُ بني الدنيا الذي فِعلُه جِدُّ |
رَأى فيهِ سُلطانُ المُلوكِ وَفَخرُها | مَخايِل مجدٍ حينَ ما ضمَّهُ المَهدُ |
فَما زالَ يَنمو وَالفَضائِلُ تَرتَقي | إِلى أَن بدا في فَضلِهِ العلمُ الفردُ |
نَجيبُ مَناجيبٍ وَفرعُ أَئِمَّةٍ | هُمُ القَومُ لا عُزلُ اليَدَينِ وَلا نُكدُ |
حَبيبٌ إِلَيهِ الحِلمُ وَالجودُ وَالتُقى | بَغيضٌ إِلَيهِ الجَورُ وَالبُخلُ وَالحِقدُ |
فَلَّما سَمَت فيهِ النَجابَةُ وَاِرتَقى | إِلى غايَةٍ ما فَوقَها لِلفَتى قَصدُ |
وَحلَّ بِعَرشِ المَجدِ في شَرخِ عُمرِهِ | كَأَفعالِ آباءٍ لهُ وَهُمُ مُردُ |
رَآهُ إِمامُ المُسلِمينَ لِعَهدِهِ | كَفِيّاً وَفيما قَد رَأى الحَزمُ وَالرُشدُ |
فَوَلّاهُ عَهدَ المُسلِمينَ رِعايَةً | لِنُصحِهِمُ فيما يَغيبُ وَما يَبدو |
فرَضيَ بَنو الإِسلامِ ذاكَ وَبايَعوا | وَقالوا عَلَينا الشُكرُ لِلَّهِ وَالحَمدُ |
فَقامَ بِأَعباءِ الخِلافَةِ ماجِدٌ | كَما فَعَلَت آباؤُهُ قَبلُ والجَدُّ |
مُلوكٌ سما ذا نحوَ ذا فَتَوافَقوا | عَلى أَنَّ ذا كَفٌّ وَهذا لهُ عَضدُ |
فَلِلَّهِ يا عَبدَ العَزيزِ بن فَيصَلٍ | مَآثِرُ تَبقى ما بَقي في الوَرى عَبدُ |
وَهِمَّةُ مِقدامٍ إِذا هَمَّ لم يَكُن | يُنَهنِهُهُ عَنها وَعيدٌ وَلا وَعدُ |
نَصَرتُم بِها الإِسلامَ في كُلِّ مَوطِنٍ | وَسُدتُم بِها أَهلَ القُرى وَالذي يَبدو |
مَلَكتُم بها ما بَينَ بُصرى وَأَبيَنٍ | وَمَدَّت لكُم أَعناقَها مِصرُ وَالهِندُ |
فَلَم تَقبَلوا إِلّا مَواكِرَ مَجدِكُم | وَفي العَربِ العَربا لِمَن سادَها مَجدُ |
إِذا رُمتُمُ أَمراً مَلَكتُم زِمامَهُ | وَإن تَقدَحوا لَم يَكبُ يَوماً لكُم زَندُ |
فَكَيفَ وَأَنتُم عِصمَةُ الدينِ وَالدُنى | وَسادَتهُم مِن قَبلِ هذا وَمِن بَعدُ |
أَقَمتُم قَناةَ الدينِ بِالسُمرِ وَالظُبى | وَشوسٍ بِهِم تَعدو مُطَهَّمةٌ جُردُ |
سِراعٍ إِلى الهَيجا ثِقالٍ إِذا الوَغى | تَكَعكَعَ عن حَوماتِها الأَسدُ الوَردُ |
إِذا جاهِلٌ أَغراهُ مِن سوءِ حَظِّهِ | بِأَن سَوف يُنجيهِ معَ الهَرَبِ البُعدُ |
رَمَوهُ بِشَهبَها يُعجِزُ الطَيرَ سَيرُها | فَلَم يُنجِهِ غَورٌ وَلا جَبَلٌ صَلدُ |
فَأَصبَحَ يَدو بِالثُبورِ وَيَمتَني | لَو اِن صارَ كَالعَنقاءِ أَو ضَمَّهُ لَحدُ |
هُمُ ما همُ لا الذَخلُ يُدرِكُ عِندهُم | وَإِن طَلَبوهُ أَدرَكوهُ وَلا بُدُّ |
وَكَم غُمَّةٍ قَد فَرَّجوها بِهِمَّةٍ | بِها قَبلَ مَسعاهُم عُيونُ الهدى رُمدُ |
أَجاروا عَلى كِسرى بن ساسانَ ماضِياً | وَفي الغابِرينَ الآنَ لَيسَ لهُم نِدُّ |
همُ بَهجَةُ الدُنيا وَكَوكَبُ سَعدِها | وَهُم خَيرُ مَن أُلقي له الحلُّ وَالعقدُ |
إِذا وَهَبوا أَغنَوا وَإَن قَدِروا عَفَوا | وَإِن حارَبوا أَشجَوا وَإِن عَقدوا شَدّوا |
عَطاءٌ وَلا مَنٌّ وَحُكمٌ وَلا هَوىً | وَفصلٌ وَلا هَزلٌ وَحِلمٌ وَلا حَردُ |
فَللّهِ رَبّي الحَمدُ وَالشُكرُ وَالثَنا | عَلى نِعَمٍ لا يُستَطاعُ لها عَدُّ |
وَعُذراً فَما مَدحي بِقاضٍ حُقوقَكُم | عَليَّ وَلا المِعشارَ لكِنَّهُ الجَهدُ |
وَلا تَعدَمِ الدُنيا بَقاكُم عَلى المَدى | وَلا زالَ مِن إِحسانِكُم لِلوَرى رِفدُ |
وَصَلِّ إلهَ العالَمينَ على الذي | لهُ الفَخرُ في الدُنيا وَفي الجَنَّةِ الخُلدُ |
كَذا الآلُ وَالأَصحابُ ما قالَ مُنشِدٌ | تَهَلَّلَ وَجهُ الكَونِ وَاِبتَسَم السَعدُ |