هوَ الدَهرُ لا يُصغي إلى مَن يُعاتِبُه
هوَ الدَهرُ لا يُصغي إلى مَن يُعاتِبُه | وَلو عَظُمَت هِمّاتهُ وَمَآربُه |
لهُ كلَّ يَومٍ غارَةٌ بعدَ غارَةٍ | بِها يَترُكُ النادي تَرِنُّ نَوادِبُه |
وَيَعتامُ مِنا كلَّ أَبلَجَ ماجِدٍ | كَما اِعتامَ عِقدَ الجَوهَرِ الفَردِ جالِبُه |
رُزئنا حَليفَ المُكرَماتِ اِبنَ قاسمٍ | جَميلَ المُحَيّا طاهِراتٍ مَذاهِبُه |
رُزِئنا فَتىً لا يَأمَنُ الضِدُّ بَأسهُ | وَلا يَحتَوي أَخلاقَهُ مَن يُصاحِبُه |
رُزِئنا رَبيعَ الناسِ تَندي بَنانَهُ | إِذا اِغبَرَّ وَجهُ الأُفقِ وَازورَّ جانِبُه |
سَما فَاِمتَطى شُمَّ المَعالي بِعَزمَةٍ | وَأَصلٍ كَريمٍ أَنجَبَتهُ مَناسِبُه |
اَناخَ بهِ من لَيسَ يُدفَعُ بِالقَنا | وَلا بِحَديدِ الهِندِ تَسطو مَضارِبُه |
فَلَو كانَ من خَصمٍ أَلَدَّ لَدافَعَت | مَناياهُ عنهُ بِالسُيوفِ أَقارِبُه |
وَلوكان يُفدى بِالنُفوس وَما عَلا | من المالِ لم تَعزِز عَليه مَطالِبُه |
وَلكِن إِذا تَمَّ المَدى نَفَذَ القَضا | وَكلُّ أَبيِّ الضَيمِ فَالمَوتُ غالِبُه |
أَقولُ لِناعيهِ وَقد صَمَّ مِسمَعي | أَحَقّاً تَقولُ الصِدقَ أَم أَنتَ كاذِبُه |
نَعَيتَ اِمرَءً ما قارَفَ الدَهرَ سَوءَةً | نَعم لِلمَعالي وَالعَوالي مَكاسِبُه |
سَقاهُ منَ الغُفرانِ وَالعَفوِ وابِلٌ | تَزُفُّ إِلَيهِ بِالرِضاءِ سَحائِبُه |
عَزاءً بَني عَبدِ الرَحيمِ فَإِنَّما | بِحُسنِ العَزا يَستَوجِبِ الأَجرَ كاسِبُه |
فَأَنتُم بَنو الأَقوامِ عِندَ حُلومِهِم | تَخِفُّ من الطَودِ الأَشَمِّ أَخاشِبُه |
وَأَنتُم بَنو المَجدِ الصُراحِ الذي بهِ | أَنارَت بِأُفقِ المَكرُماتِ كَواكِبُه |
وَإِن كُنتُمُ أَحداثَ سنٍّ فَحِلمُكُم | أَنافَ على من طالَ فيها تَجارِبُه |
وَإِنّي لأَرجو أَنَّكُم تَخلُفونَهُ | بِإِعلاءِ مَجدٍ شَيَّدَتهُ مَناقِبُه |
وَيَبقى لهُ ذكرٌ بِكُم يَملأُ الفَضا | وَيَشدو بهِ فَوقَ الغُرَيريِّ راكِبُه |
فَشُدّوا عِناجَ الإجتماعِ جَميعُكُم | وَإِيّاكُم واشٍ تَدِبُّ عَقارِبُه |
وَإِيّاكُم وَالإِفتراقَ فَإِنَّما | يَجيءُ بِتَخريبِ الدِيارِ عَواقِبهُ |
لكُم شَلَقَ أَرسَوا قَواعِدَ مجدهِمِ | بِأَيّامِ صِدقٍ يَلفِظُ الماءَ شارِبُه |
تَغَنّى بها في كُلِّ قُطرٍ حُداتهُ | وَيَنقُلها عن شاهِدِ الحالِ غائِبُه |
إذا ذُكِرَت هُزَّت رُؤوسُ رُواتِها | وَقيلَ كَذا فَليَسعَ لِلمَجدِ طالِبُه |
عِظامُ المَقاري ما شكا الجَدبَ جارُهُم | وَيُثري بهِم مَن لَوَّحَتهُ سَباسِبُه |
أَلَيسَ أَبوكُم قاسِمٌ شَرُفَت بهِ | مَشارِقُ آفاقِ النَدى وَمَغارِبُه |
وَعَمُّكُمُ مَن عَطَّرَ الأُفقَ مَجدهُ | وَطابَت به في كلِّ قُطرٍ هَبائِبُه |
هوَ النَدبُ عَبدُ اللَهِ أَمّا نِجارهُ | فَصافٍ وفي الأَدنَينِ مَحضٌ ضَرائِبُه |
سَريعٌ إلى داعي النَدى مُتَحَبِّبٌ | إِلى زائِريهِ ما تَغِبُّ وَهائِبُه |
نَجيُّ المَعالي ما يُحَدِّثُ نَفسَهُ | بِغَيرِ النَدى أَو قَهرِ خَصمٍ يُشاغِبُه |
وَصَلّى إلهُ العالَمينَ عَلى الذي | أَشاد الهُدى قُرآنهُ وَكتائِبُه |
محمدٍ الهادي الأمينِ وَآلهِ | وَأصحابهِ ما نَمَّقَ الطِرسَ كاتِبُه |