أَبى اللَهُ إِلّا أَن تَكونَ لَكَ العُقبى
أَبى اللَهُ إِلّا أَن تَكونَ لَكَ العُقبى | سَتَملِكُ شَرقَ الأرضِ بِاللَهِ وَالغَربا |
أَرادَ بِكَ الأَعداءُ ما اللُ دافِعٌ | كَفا كَهُمُ لَمّا رَضيتَ بهِ رَبّا |
هُمُ بَدَّلوا نُعماكَ كَفراً وَبَوَّءوا | نُفوسَهُم دارَ البوارِ فَما أَغبى |
بُغاثٌ تَصدَّت لِلصُّقورِ سَفاهَةً | فَأَضحَت جُزافاً في مَخالِبِها نَهبا |
أَرادوا شِقاقَ المُسلِمينَ شَقاوَةً | فَصَبَّ الشَقا رَبّي عَلى أَهلِهِ صَبّا |
هُمُ أَضرَموا ناراً فَكانوا وَقودَها | وَهُم جَرَّدوا سَيفاً فَكانوا بِهِ خَدبا |
دَعاهُم إِلى الأَمرِ الرَشيدِ إِمامُهُم | وَقالَ هَلُمّوا لِلكِتابِ وَلِلعُتبى |
وَما كانَ مِن وَهنٍ وَلكِن تَحَنُّناً | عَلَيهِم رجا أَن تَمحو التَوبَةُ الذَنبا |
وَما كانَ بِالنَزقِ العَجولِ وَإِنَّما | يُدَبِّرُهُم تَدبيرَ مَن طَبَّ مَن حَبّا |
فَلَمَّا أَبَوا إِلّا الشِقاقَ وَأَصبَحوا | عَلى شيعَةِ الإِسلامِ في زَعمِهِم إِلبا |
تاهُم سَليلُ الغابِ يَصرُفُ نابُهُ | زَماجِرُهُ قَبلَ اللِقا تُرعِبُ القَلبا |
لَهُ هِمَمٌ لا تَنتَهي دونَ قَصدِهِ | وَلَو كانَ ما يُبقيهِ في نَفسِهِ صَعبا |
بِجَيشٍ يَسوقُ الطَيرَ وَالوَحشَ زَجرُهُ | فَلَم تَرَ وَكراً عامِراً لا وَلا سِرباً |
وَجُردٍ عَلَيها كُلُّ أَغلَبَ باسِلٍ | إِذا ما دُعي في مَعرَكٍ لِلقَنا لَبّى |
فَعادَ غُبارُ الجَوِّ بِالنَقعِ قاتِماً | تَظُنُّ اِشتِعالَ البيضِ في لَيلِهِ شُهبا |
وَأضحَوا هَدايا لِلسِّباعِ تَنوشُهُم | تَنوبُهُمُ يَوماً وَتَعتادُهُم غِبّا |
وَراحَتِ لِطَيرِ الجَوِّ عيشي وَنَقِّري | وَنادي وُحوشاً في مَكامِنِها سُغبا |
وَلَو لَم يُكَفكِف خَيلَهُ عَن شَريدِهِم | لَم آبَ مِنهُم مُخبِرٌ خَبَّ أَو دَبّا |
فَقُل لِلبُغاةِ المُستَحِلّينَ جَهرَةً | دِماءَ بَني الإِسلامِ تَبّاً لَكُم تَبّا |
نَبَذتُم كِتابَ اللَهِ حينَ دُعيتُمُ | إِلَيهِ وَقُلتُم بِالكِتابَينِ لا نَعبا |
وَقَلَّدتُمُ أَشقاكُمُ أَمرَ دينِكُم | فَأَصبَحتُمُ عَن شِرعَةِ المُصطَفى نُكبا |
نَعَم ثَبَّتَ اللَهُ الذينَ تَبَوَّءوا | مِنَ الدينِ وَالإيمانِ مَنزِلَةً رَحبا |
هُمُ حَفِظوا العَهدَ الذي خُنتُمُ به | فَكانوا لِأَهلِ الدينِ مُذ هاجَروا صَحبا |
وَهُم صَدَقوا اللَهَ العُهودَ وَآمَنوا | إِمامَهُمُ صِدقاً فَلا لا وَلا كِذبا |
إِمامَ الهُدى إِنَّ العَدُوَّ إِذا رَأى | لَهُ فُرصَةً في الدَهرِ يَنزو لَها وَثبا |
وَمَن أَلجَأَتهُ لِلصَّداقَةِ عِلَّةٌ | يَكُن سَلمَهُ مِن بَعدِ عِلَّتها حَربا |
فَعاقِب وَعاتِب كُلَّ شَخصٍ بِذَنبِهِ | فَلَولا العُقوباتُ اِستَخَفَّ الوَرى الذَنبا |
وَقَد رَتَّبَ اللَهُ الحُدودَ لِتَنتَهي | مَخافَتُها عَمّا بِهِ يُغضِبُ الرَبّا |
إِذا أَنتَ جازَيتَ المُسيءَ بِفِعلِهِ | فَلا حَرجٌ فيما أَتَيتَ وَلا ذَنبا |
فَمَن سَلَّ سَيفَ البَغيِ فَاِجعَلهُ نُسكَهُ | وَمَن شَبَّ ناراً فَاِرمِهِ وَسطَ ما شَبّا |
بِذا يَستَقيمُ الأَمرُ شَرعاً وَحِكمَةً | وَيَنزَجِرُ الباغي إِذا هَمَّ أَو هَبّا |
وَمَن تابَ مِنهُم فَاِعفُ عَنهُ تَفَضُّلاً | فَحَسبُهُمُ ما قَد لَقوا مِنكُمُ حَسبا |
فَقَد حَمدوا في بَعضِ ما قَد مَضى لَهُم | فَإِن رَجَعوا فَالعَودُ لِلذَّنبِ قَد جَبّا |
فَرُبَّ كَبيرِ الذَنبِ في جَنبِ عَفوِكُم | صَغيرٌ وَلكِن إِن هُمُ طَلَبوا العُتبى |
وَمِثلُكَ لَم تُقرَع لِتَنبيهِهِ العَصا | عَرَفتَ نَصيحَ القَلبِ مِنهُمُ وَمَن خَبّا |
وَأَذكى صَلاةٍ مَع سَلامٍ عَلى الذي | نَرى سُؤلَهُ مِنّا المَوَدَّةَ في القُربى |