يا صاحِبَيَّ دعا عَذلي وَتَأنيبي
يا صاحِبَيَّ دعا عَذلي وَتَأنيبي | لا أَنثَني لِمَلامٍ أَو لِتَثريبِ |
ما كنتُ أَوَّلَ مَن لجَّ الغَرامُ بهِ | أَو هامَ بِالخُرَّدِ البيضِ الرَعابيبِ |
أَلقاتِلاتُ على عمدٍ بلا قودٍ | وَالمُصَبِياتُ بِتَغميزِ الحواجيبِ |
من كلِّ أَحورَ ساجي الطَرفُ فاتِرهِ | يَمضي سهاماً بِتَرشيقٍ وَتَعذيبِ |
ذي عارِضٍ مُشرِقٍ يَفتَرُّ عَن بَردٍ | عذبِ المُقَبَّلِّ بَالصَهباءِ مَقطوبِ |
مُضَرَّجِ الخَدِّ لو رُمتَ اقتِباسَ ضواً | أَغنَتكَ وجنَتُهُ عن كلِّ مَشبوبِ |
عَبلِ الرَوادِفِ ضامي الكَشحِ مُقتَبِل | غانٍ من الحُسنِ مَنّاعٍ لِمَطلوبِ |
أَهواهُ في غَيرِ مَحظورٍ وَلا سَفهٍ | كَذلكَ الحُبُّ صَفوٌ غيرُ مَشيوبِ |
فَدَع تَذَكُّرَ أَيّامِ الشَبابِ وَما | قَد كانَ فيهِنَّ من غَزلٍ وَتَشبيبِ |
وَاذكُر فَواضِلَ مَن عَمَّت فَضائِلُهُ | على الأَنامِ وَلم يَمنُن بِمَوهوبِ |
خَليفَةُ العَهدِ سامي المَجدِ همَّتهُ | لِلدينِ نَصراً وَلِلدُنيا بِتَرتيبِ |
مُؤَيَّدُ العَزمِ مَيمونٌ نَقيبَتُهُ | مُسَدَّدُ الرَأي في بَدءٍ وَتَعقيبِ |
يَغشى الكَريهَةَ لا يَخشى عَواقِبِها | وَيَركَبُ الخَطبَ لا يَلوي لِتَنكيبِ |
شَأنَ المُجارينَ سَبقاً كلَّ مَكرُمَةٍ | سامَ المُعادينَ تَدميراً بِتَتبيتِ |
نَماهُ في الأَصالِ أَمجادٌ خَضارِمَةٌ | شُمُّ الأُنوفِ إلى البيضِ المَناجيبِ |
قومٌ هُو نُصرَةٌ لِلحَقِّ مُذ خُلِقوا | بِالبيضِ وَالسُمرِ وَالجُردِ السَراحيبِ |
كَم أُودعوا الدَهرَ مِن بَأسٍ وَمن كرمٍ | وَأَنقَذوا الناسَ مِن كُفرٍ وَمن حوبِ |
وَقامَ بَعدَهُمو عَينُ الزَمانِ وَمن | يُرجى وَيُخشى لِمَوهوبٍ وَمَرهوبِ |
أَبوكَ فَخرُكَ من عادَ الزَمانُ فتىً | في عَصرهِ بعدَ تَقويسٍ وَتَحديبِ |
أَشَمُّ أَشوَسُ في الجُلّى يُلاذُ بهِ | في الحَربِ وَالجَدبِ مَأوى كلِّ مَكروبِ |
إِذا اِدلَهَمَّت هوادى الخَطبِ وَالتَبَسَت | عَلى ذوي الرَأيِ من أَهلِ التَجاريبِ |
جَلّى لهُ رَأيهُ ما كان مُلتَبِساً | مِنها فَعادَت كَصُبحٍ بَعد غِربيبِ |
لهُ سَرائِرُ لِلإِسلامُ أَضمَرَها | وَاللَهُ أَظهَرَها جَهراً بِتَوجيبِ |
فَهوَ الحَبيبُ المُفَدّى بِالنُفوسِ وَما | تَحويه أَنفُسُنا مِن كلِّ مَحبوبِ |
سَمّاك باسمِ سُعودٍ إِذ طَلَعتَ بهِ | سَعداً بيُمنٍ وَعنواناً بِتَلقيبِ |
وَلّى لكَ العهدَ مُختاراً وَمرتَضياً | جَميلُ صُنعكَ في شَتّى الأَساليبِ |
أَرادَ أَنَّكَ وَالأَعداءُ راغمةً | تَلى مشارِقَها من بعدِ تَغريبِ |
فَنَستَمِدُّ منَ المَولى لكُم مدداً | في العُمرِ وَالفَخرِ وَالإِذكارِ وَالطيبِ |
وَكم يدٌ لكَ في العَلياءِ باسِقَةً | محمودَة بينَ مَوروثٍ وَمَكسوبِ |
لا نَنثَني أَبداً نُثني عَلَيك بها | نَظماً وَنثراً وَتَفصيلاً بِتَبويبِ |
يا اِبنَ الكِرامِ الأُولى ما زالَ فَضلهمُ | في الناسِ ما بينَ مَتلُوٍّ وَمَكتوبِ |
أليكَ أَعلَمتُها عيساً مُدرَّبَةً | تَفلى الفَلا بينَ إِدلاجٍ وَتَاويبِ |
مِن كلِّ حَرفٍ كَحَرفِ الخَطِّ مُعمِلَةً | رَفعاً وَخَفضاً وَتَسكيناً بِتَنصيبِ |
يَذودُ عَنّا الكَرى الحادي بِمَدحِكموا | وَيَستَفِزُّ مَطايانا بِتَطريبِ |
لِنَبلُغَ الظِلَّ وَالمَرعى الخَصيبَ كَذا | الفَضلَ العَميمَ وَنَيلاً غَيرَ مَحسوبِ |
ثُمَّ الصَلاةُ وَتَسليمُ الإِلهِ عَلى | مَن خصَّهُ اللَهُ بِالزُلفى وَبِالطيبِ |
محمدٌ خيرُ مَبعوثٍ وَشيعَتهُ | وَصَحبهُ همو خَيرُ الأَصاحيبِ |