بِرَغمِ المَعالي فارَق الدَستَ صاحِبُه
بِرَغمِ المَعالي فارَق الدَستَ صاحِبُه | وَثُلَّت عُروشُ المَجدِ وِانهدَّ جانِبُه |
وَأَضحَت بَنو الآمالِ سُهماً وُجوهُها | تُقَلِّبُ طَرفاً خاشِعاً ذلَّ حاجِبُه |
تَقولُ إِلى مَن نَطلُبُ العُرفَ بَعدَما | عَلى قاسِمِ المَعروفِ بُنيَت نَصائِبُه |
مَضى كافِلُ الأَيتامِ في كُلِّ شَتوَةٍ | وَمَوئِلُ مَن ضاقَت عَليهِ مَذاهِبُه |
أَقولُ لِناعيهِ إِلَيَّ مُجاوِباً | بِفيكَ الثَرى لَم تَدرِ مَن أَنتَ نادِبُه |
نَعَيتَ امرَأً لِلبِرِّ وَالدينِ سَعيُهُ | وَلِلجودِ وَالمَعروفِ ما هوَ كاسِبُه |
فَيا قاسِمُ المَعروفُ لِلبَاسِ وَالنَدى | وَلِلخَصمِ مُستَطّاً عَلى مَن يُطالِبُه |
وَيا قاسِمُ المَعروفُ لِلطّارِقِ الذي | مِنَ الزادِ قد أَصبَحنَ صُفراً حقائِبُه |
وَيا قاسِمُ المَعروفُ لِلمُلتَجي الذي | تَحاماهُ مِن عِظمِ الجِنايَةِ صاحِبُه |
وَلِلمُرهَقِ المَكروبِ يُفرِخُ رَوعُهُ | إِذا أَسلَمَتهُ لِلخُطوبِ أَقارِبُه |
وَلِلجَحفَلِ الجَرّارِ يَهدي رَعيلُهُ | إِلى كُلِّ جَبّارٍ أَبِيٍّ يُشاغِبُه |
هوَ المانِعُ الخصمَ الأَلَدَّ مَرامَهُ | وَإن رامَ مِنهُ مُعضِلاً فَهوَ سالِبُه |
فَقُل لِلجِيادِ المُشمَعِلّاتِ لاحَها | تَجاوُزُ غيطانِ الفَلا وَسَباسِبُه |
عَلى قاسِمٍ فَاِبكي طَويلاً فَإنَّهُ | فَتاك إِذا ما اِستَخشَنَ اسَرجَ راكِبُه |
إِذا ما رَمى المَرمى البَعيدَ ذَرَعنَهُ | بهِ ناجِياتٌ زامَلَتها شَوازِبُه |
جَحافِلُ سَهَّلنَ الرَوابي فَأَصبَحَت | سَباسِبَ مِمّا بَعثَرَتها كَتائِبُه |
إِذ نُشِرَت أَعلامُهُنَّ تحدَّبَت | بِأَرجائِها صيدُ المُلوكِ تُراقِبُه |
فَما مَشرِقٌ إِلّا لهُ فيهِ وَقعَةٌ | وَلا مَغرِبٌ إِلّا أَرَنَّت نَوادِبُه |
أَقولُ لِقَلبي حينَ جَدَّ بهِ الأَسى | وَلِلجَفنِ لمّا قَرَّحتهُ سَواكِبُه |
تَعَزَّ بما عَزَّيتَ غَيركَ إِنَّهُ | طَويلُ أَسىً مَن أُودِعَ اللَحدَ غائِبُه |
هوَ الدَهرُ يَستَدعي الفَناءَ بَقاؤُهُ | وَتَستَصغِرُ الخَطبَ العَظيمَ مَصائِبُه |
لهُ عَثرَةٌ بِالمَرءِ لا يَستَقيلُها | إِذا ما أُنيخَت لِلرَحيلِ رَكائِبِهُ |
اَباحَ حِمى كِسرى بنِ ساسانَ صَرفُهُ | فَلم تَستَطِع عَنهُ الدِفاعَ مَرازِبُه |
وَكَرَّ عَلى أَبناءِ جَفنَةَ كَرَّةً | سَقاهُم بها كَأساً ذُعافاً مَشارِبُه |
وَأَعظَمُ من هذا وَذاكَ مُصيبَةٌ | قَضى النَحبَ فيها المُصطَفى وَأَقارِبه |
همُ الأُسوَةُ العُظمى لمَن ذاقَ غُصَّةً | من الدَهرِ أو من أَجرَضَتهُ نَوائِبُه |
بَني قاسمِ إن كان أَودَعتُمُ الثَرى | أَباً طَرَّزَت بُردَ المَعالي مَناقِبُه |
فَخَلّوا الهُوَينَي وَاِجعَلوا الرَأيَ واحداً | فَيَخشاكُمُ نائي البِلادِ وَصاقِبُه |
وَأَلقوا مَقاليدَ الأُمورِ لِماجدٍ | أَخي ثِقَةٍ قد أَحكَمَتهُ تَجارِبُه |
بَعيدِ المَدى لا يُدركُ النَبثُ غَورَهُ | أَبيٍّ على الأَعداءِ محضٍ ضَرائِبه |
أَبا حمدٍ لولاكَ كان مُصابهُ | على الناس لَيلاً لا تَجلّى غياهِبُه |
سَقى اللَهُ قَبراً ضمَّ أَعظمَ قاسمٍ | من العَفوِ شُؤبوبٌ رَواءٌ سَحائِبُه |
وَثنِّ إلهي بِالصَلاةِ على الذي | سمَت في مَقاماتِ الكمالِ مَراتِبُه |
كَذا الآلِ وَالأَصحابِ ما ناحَ طائِرٌ | بِأَفنانِ دوحٍ تَستَميلُ ذَوائِبُه |