بُلوغُ الأَماني في شِفارِ القَواضِبِ
بُلوغُ الأَماني في شِفارِ القَواضِبِ | وَنَيلُ المَعالي في مَجَرِّ السَلاهِبِ |
وَمَن حَكَّمَ السُمرِ اللِدانِ تَعَبَّدَت | لَهُ مَع تُقى المَولى رِقابُ المُشاغِبِ |
وَمَن قادَها مِثلَ السَراحينِ شُرَّباً | تَناقَلُ بِالشُمطِ الطِوالِ المَناكِبِ |
وَكُلِّ فَتىً ضَربٍ خُشاشٍ إِذا سَطا | يَرى المَوتَ أَحلى مِن زُلالِ المَشارِبِ |
وَفي ذَملانِ العيسِ في كُلِّ مَهمهٍ | بِكُلِّ جَرٍ عاري الاِشاجِعِ شاحِبِ |
حَليفِ سُرىً لا يَثلِمُ اللَيلُ عَزمَهُ | إِذا هَمَّ أَلغى حادِثاتِ العَواقِبِ |
إِذا نِيَّةٌ أَوفَت بِهِ الشَرقَ طَوَّحَت | بِهِ نِيَّةٌ أُخرى لِأَقصى المَغارِبِ |
وَذاكَ قَريعٌ الدَهرِ إِن ماتَ لَم يُلَم | وَإِن عاشَ أَضحى في سِنِّيِ المَراتِبِ |
أَقولُ لِطُلّابِ المَعالي تَأَخَّروا | فَقَد طَمَحَت عَنكُم لِأَكرَمِ خاطِبِ |
لِأَروَعَ مِن عُليا رَبيعَةَ أُحكِمَت | تَجارِبُهُ مِن قَبلِ حينِ التَجارِبِ |
قَعَدتُم وَلَم يَقعُد وَنِمتُم وَلَم يَنَم | يُساوِرُ هَمّاً كَاِضطِرابِ اللَهائِبِ |
وَما نالَ هذا المُلكَ حَتّى تَحَطَّمَت | صُدورُ العَوالي في صُدورِ الكَتائِبِ |
فَلَولا دِفاعُ اللَهِ عَنكُم بِسَعدِهِ | لِأَصبَحَ نَجدٌ مُضغَةً لِلنَوائِبِ |
لَهُ سَطَواتٌ لَو تَنَحَّينَ مَرَّةً | عَلى يَذبُلٍ هَدَّت شِعافَ الشَناخِبِ |
سَبَرتُ مُلوكاً قَد رَأَيتُ فِعالَهُم | وَطالَعتُ أَخبارَ المُلوكِ الذَواهِبِ |
فَما نَظَرَت عَيني وَلا مَرَّ مِسمَعي | كَعَبدِ العَزيزِ اِبنِ الهُداةِ الأَطايِبِ |
بَعيدِ مَرامِ العَزمِ لا مُتَفَيِّئاً | ظِلالَ الهُوَينا لا ولا بِالمُراقِبِ |
وَلا عادِلاً عَن مَنهَجِ الحَقِّ يَمنَةً | وَلا يَسرَةً يَبغي حُطامَ المَكاسِبِ |
عَفُوٌّ عَنِ الجانينَ حَتّى كَأَنَّهُم | لَدَيهِ كَأَدنى واشِجاتِ الأَقارِبِ |
يُريدُ اِئتِلافَ المُلِمينَ وَجَمعُهُم | عَلى مَسلَكِ المُختارِ مِن جَذمِ غالِبِ |
وَإِلّا فلا الواني وَلا مُتَبَلِّداً | إِذا طُرِقَت أُمُّ الدُهَيمِ بِحاطِبِ |
مَتى هَمَّ أَمضى هَمَّهُ بِفَيالِقٍ | تَسوقُ إِلى الأَعداءِ دُهمَ المَصائِبِ |
كَما ساقَها يَوماً أَبها وَقَد طَغَت | وَغُرَّت بِتَسويلِ الأَماني الكَواذِبِ |
رَماهُم بِنَجمٍ زَلزَلَت صَعَقاتُهُ | دِيارَ مُغَيدٍ مَع تِهامَ وَمَأرِبِ |
بِشِبلِ مُلوكٍ أَرضَعَتهُ ثُدِيُّها | وَمِدرَهِ حَربٍ عُضلَةٍ لِلمُوارِبِ |
فَأَضحَوا وَهُم ما بَينَ ثاوٍ مُجَندَلٍ | وَبَينَ أَسيرِ في الحَديدِ وَهارِبِ |
فَلا حَسَنٌ أَجدى عَلَيهِم وَلا اِرعَوى | لِغُرِّ الثَنايا وَاضِحاتِ التَرائِبِ |
وَلكِنَّهُ وَلّى يَداهُ عَلى الحَشا | لَهُ خَفَقانٌ مِثلُ صَفقِ اللَواعِبِ |
يَؤُمُّ رِعاناً جارَ وَبرٍ إِذا دَعا | يُجاوِبُهُ فيها ضُباحُ الثَعالِبِ |
يُحاذِرُ ما لاقى مُحمَّدَ إِذ مَضى | وَأَصحابَهُ جَزراً لِحُمرِ المَضارِبِ |
وَيَومَ بَني شِهرٍ عَلى العَينِ غودِروا | وَلائِمِ فيهِ لِلوُحوشِ السَواغِبِ |
أَضَلَّهُمُ الغَرّارُ لا بَل شَقاؤُهُم | فَصارَ قُصاراهُم عِضاضَ الرَواجِبِ |
فَيا مَلِكاً فاقَ المُلوكَ سَماحَةً | وَعَفواً وَإِحساناً إِلى كُلِّ تائِبِ |
إِلَيكَ زَبَرتُ النُصحَ لا مُتَبَرِّماً | بِقَولي وَلا أُهدي نَصيحَةَ خالِبِ |
إِذا لَجَأَت يَوماً عَدُوَّكَ حاجَةٌ | إِلَيكَ فَلا تَأمَنهُ عِندَ النَوائِبِ |
يُريك اِبتِساماً وَهوَ لِلمَكرِ مُبطِنٌ | وَيومي إِلى الأَعدا بِرَمزِ الحَواجِبِ |
وَأَنتَ خَبيرٌ بِالذي قَد تَواتَرَت | بِهِ قَبلَنا أَقوالُ أَهلِ التَجارِبِ |
وَلكِنَّهُ مَن يَتَّقِ اللَهَ وَحدَهُ | يَجِد فَرَجاً عِندَ اِزدِحامِ الكَرائِبِ |
ضَمَمتَ إِلى عَدنانَ قَحطانَ وَالتَقَت | عَلَيكَ قُلوبُ الناسِ مِن كُلِّ جانِبِ |
فَما مُسلِمٌ إِلّا يَراكَ إِمامَهُ | سِوى مارِقٍ عَن مَنهَجِ الرُشدِ ناكِبِ |
دَعَوتَ إلى الوَحيِ المُقَدَّسِ حاكِماً | بِما فيهِ مِن حَقٍ مُبينٍ وَواجِبِ |
وَشَرَّدتَ قَوماً خالَفوهُ فَحُكمُهُم | بِأَوضاعِ كُفرٍ جُزِّئَت في العَواقِبِ |
يَقولونَما شِئتُم مِنَ الفِسقِ فَاِفعَلوا | أَوِ الشِركِ بِالّلاطينَ تَحتَ النَصائِبِ |
فَإِنَّكُم حُرِّيَةٌ في فِعالِكُم | وَأَقوالِكُم لا تَحذَروا مِن مُعاتِبِ |
إِذا ما تَراضى الفاسِقانِ عَلى الخَنا | فَلَن يَخشَيا ما لَم يَكُن بِتَغاصُبِ |
فَيا عَجَباً مِن عالِمٍ يَدَّعي الهُدى | يُواليهِمُ مَع فِعلٍ تِلكَ المَثالِبِ |
وَهَل أُنزِلَت كُتبٌ وَأُرسِلَ مُرسَلٌ | بِغَيرِ اِفعَلوا أَو فَاِترُكوا بِالتَراتُبِ |
فَيا مَن عَلا فَوقَ السَماءِ بِذاتِهِ | وَيَعلَمُ ما تَحتَ الطِباقِ الرَواسِبِ |
أَدِم عِزَّ مَن لِلدّينِ كَهفٌ وَلِلدُّنا | وَأَيَّدهُ بِالإِسعادِ يا خَيرَ واهِبِ |
وَصَلِّ إِلهي كُلَّما حَنَّ راعِدٌ | وَما ناضَ بَرقٌ في خِلالِ السَحائِبِ |
عَلى خَيرِ مَبعوثٍ إِلى خَيرِ أُمَّةٍ | كَذا آلِهِ الأَطهار مَع كُلِّ صاحِبِ |