بَينَ العُلى وَالقَنا وَالمشرَ في نَسَبُ
بَينَ العُلى وَالقَنا وَالمشرَ في نَسَبُ | وَصِدقُ عَزمِ الفَتى في ذلِكَ السَبَبُ |
لا يَبلُغُ المَجدَ إِلّا مَن تَكونُ لَهُ | نَفسٌ تَتَوُقُ إِلى ما دونَهُ الشُهُبُ |
جوداً وَبَأساً وَعَفواً عِندَ مَقدِرَةٍ | وَخَفضَ جَأشٍ إِذا ما اِشتَدَّتِ النوَبُ |
وَجَحفَلاً تَستَخِفُّ الأَرضَ وَطأتُهُ | تَخُرُّ لِلخَيلِ فيهِ الأُكمُ وَالحَدَبُ |
لِلَّهِ سَعيُ إِمامِ المُسلِمينَ فَقَد | حَوى الخِصالَ الَّتي تَسمو بِها الرُتَب |
عَبدِ العَزيزِ الَّذي لَم تَبدُ طالِعَةً | شَمسٌ عَلى مِثلِهِ يَوماً وَلَم تَجِب |
ما قُلتُهُ قَطرَةٌ مِن بَحرِ هِمَّتِهِ | هَيهاتَ يُحصي ثَناهُ النَظمُ وَالخَطبُ |
مِنَ الأَولى جَدَّدوا لِلنّاسِ دينُهُمُ | بِالوَحيِ تَعضُدُهُ الهِندِيَّةُ القُضُبُ |
قَفَوا أَبا بَكرٍ الصِديقَ ما وَهَنوا | لَمّا دَعا الناسَ وَالأَهواءُ تَضطَرِبُ |
فَرَدَّهُم بِالقَنا مِن حَيثُ ما خَرجوا | وَقالَ أَدّوا الَّذي في شَرعِنا يَجِب |
وَأَنتُمُ حينَ لا بَدوٌ وَلا حَضَرٌ | إِلّا لَهُم نَحوَ ما يُرديهِمُ خَبَبُ |
هذا يَطوفُ بِرَبِّ القَبرِ يَندُبُهُ | يَرجو النَجاةَ إِذا ما اِشتَدَّتِ الكُرَبُ |
وَذا يُعَطِّلُ آياتِ الصِفاتِ وَذا | مُغرىً بِتَحريفِ ما جاءَت بِهِ الكُتُبُ |
قُمتُم مَقاماً يَؤودُ القائِمينَ بِهِ | وَقَد رَمَتكُم بِقَوسِ البِغضَةِ العَرَبُ |
لكِنَّ مَن يَنصُرُ الرَحمنَ يَنصُرُهُ | جُندُ الإِلهِ بِهِم لَو قَلَّوا الغَلَبُ |
رَدَدتُموهُم إِلى الدينِ القَويمِ وَهُم | مِن قَبلِكُم عَن طَريقِ المُصطَفى نُكُبُ |
نِعمَ الوَزيرُ لَكُم شَيخٌ مَقالَتُهُ | ما قالَهُ اللَهُ وَالمُختارُ وَالصَحَبُ |
أَعطاهُ مَولاهُ نوراً فَاِستَضاءَ بِهِ | وَاللَهُ يَختارُ مَن يُعطي لِما يَهَبُ |
عِنايَةٌ شَمَلَت نَجداً وَساكِنَهُ | بِهِ وَفَخرٌ لَهُم ما اِمتَدَّتِ الحِقَبُ |
وَحينَ قَلَّصَ ظِلُّ الأَمنِ وَاِنقَشَعَت | مِن نَجدَ أَعلامُهُ وَاِستَفحَلَ الكَلبُ |
أَتى بِكَ اللَهُ غَوثاً لِلعِبادِ وَلِل | بِلادِ غَيثاً هَنيئاً بَعَ ما جَدبوا |
فَضَلتَ تَنسَخُ آياتِ الضَلالِ بِما | يَقضي بِهِ النَصُّ لا زورٌ وَلا كَذِبُ |
حَتّى اِستَقامَت قَناةُ الدينِ وَاِعتَدَلَت | فَالحَمدُ لِلَّهِ لا رَيبٌ وَلا رَيبُ |
وَكَم مَكارِمِ أَخلاقٍ أَتَيتِ بِها | يَرضى بِها في الجُثى آباؤُكَ النُجُبُ |
وَاِذكُر بَلاءَ بَني الإِسلامَ إِنَّهُمُ | نِعمَ الظَهيرُ لَهُ وَالناصِرُ الحَدِبُ |
قَومٌ شَرَوا في سَبيلِ اللَهِ أَنفُسَهُم | وَجاهَدوا طَلَباً لِلأَجرِ وَاِحتَسَبوا |
قُم أَدنِ مِن ساهِماتِ العيسِ ناجِيَةً | أَدنى تَغشمُرِها الإِرقالُ وَالخَبَبُ |
كَأَنَّها خاضِبٌ يَحدو سَفَنَّجَةً | وَالدَوُّ شاسِعَةٌ وَالغَيثُ يَنسَكِبُ |
تَلاحِظُ السَوطَ أَحياناً وَيُزعِجُها | إِذا رَأَت ظِلَّهُ أَو مَسَّها عَقَبُ |
سُقها مِنَ البَلَدِ المَعمورِ مُتَّخِذاً | دَليلَكَ الجَديَ إِن لَم تَهدِكَ النُصبُ |
سَلِّم عَلى فَيصَلٍ وَاِذكُر مَآثِرَهُ | وَقُل لَهُ هكَذا فَلتَفعَلِ النُجُبُ |
سَيفُ الإِمامِ الَّذي بِالكَفِّ قائِمُهُ | ماضي المَضارِبِ ما في حَدِّهِ لَعِبُ |
إِذا الإِمامُ اِنتَضاهُ في مُقارَعَةٍ | مَضى إِلَيها وَنارُ الحَربِ تَلتَهِبُ |
رَئيسُ عُلوى عَلا بِالدينِ مَجدُهُمُ | وَالدينُ يُعلى بِهِ لَو لَم يَكُن نَسَبُ |
وَمَن بَبَوَّأَ بِالدارِ الَّتي بُنِيَت | عَلى التُقى وَالهُدى أَكرِم بِهِم عَرَبُ |
الساكِنينَ بِأَرطاوِيَّةٍ نَصَحوا | لِلدّينِ بِالصِدقِ في نُصحِهِم خَلَبُ |
كَذاكَ إِخوانُهُم لا تَنسَ فَضلُهُمُ | هُم نُصرَةُ الحَقِّ صِدقاً أَينَما ذَهَبوا |
أَعني بِهِم عُصبَةَ الإِسلامِ مِن سَكَنوا | مُبايِضاً وَلِحَربِ المارِقِ اِنتَدَبوا |
وَاِذكُر مَآثِرَ قَومٍ جُلُّ قَصدِهِمُ | جِهادُ أَهلِ الرَدى لا النَفلُ وَالسَلَبُ |
هُم أَهلُ قَريَةَ إِخوانٌ لَهُم قَدَمٌ | في الصالِحاتِ الَّتي تُرجى بِها القُربُ |
صَبَّ الإِلهُ عَلى أَهلِ الكُوَيتِ بِهِم | سَوطَ العَذابِ الَّذي في طَيِّهِ الغَضَبُ |
طَلَّت سِباعُ الفَلا تَفري تَرائِبَهُم | تَنوبُهُم عُصَبٌ مِن بَعدِها عُصَبُ |
وَالطَيرُ تَمكو عَلى أَعلى جَماجِمِه | كَأَنَّها شارِبٌ يَهفو بِهِ الطَرَبُ |
كَم عاتِقٍ تَلطِمُ الخَدَّينِ باكِيَةً | تَقولُ واحَربا لَو يَنفَعُ الحَرَبُ |
تَفاءَلوا بِاِسمِكَ المَنحوسِ طائِرُهُ | بِسالِمٍ فَإِذا في سالِمَ العَطَبُ |
هذا نَكالُ إِمامِ المُسلِمينَ لَكُم | فَإِن رَجَعتُم وَإِلّا اِستُؤصِلَ العِقبُ |
يا شيعَةَ الدينِ وَالإيمانِ إِنَّ لَكُم | عَلَيَّ حَقّاً أَرى نُصحي لَكُم يَجِب |
تَمَسَّكوا بِكِتابِ اللَهِ وَاِتَّبِعوا | هَديَ الرَسولِ وَلا تَأخُذكُمُ الشَعبُ |
وَأَخلِصوا نُصحَ والي الأَمرِ فَهوَ لَهُ | شَرطٌ عَلَيكُم بِآيِ الذِكرَ مُكتَتَبُ |
قَد أَوجَبَ المُصطَفى بِالنَصِّ طاعَتَهُم | لَو أَنَّهُم أَخَذوا لِلمالِ أَو ضَرَبوا |
ما لَم يَكُن أَمرُهُم شِركاً وَمَعصِيَةً | هُناكَ طاعَتُهُم في ذاكَ لا تَجِبُ |
أَمّا إِذا قَصَدوا الإِصلاحَ وَاِجتَهَدوا | وَلا اِستَبانَ لَنا الدّاعي وَلا السَبَبُ |
فَما يَسوغُ اِعتِراضٌ أَو مُنابَذَةٌ | بِذاكَ جاءَت نُصوصُ الحَقِّ تَأتَلِبُ |
ثُمَّ الصَلاةُ على الهادي وَشيعَتِهِ | وَصَحبِهِ ما هَمى بِالوابِلِ السُحُبُ |