قصيدة عن حب قديم
تسعونَ قرناً ، في هواك غريقُ | من بعد هذا العُمر كيف أفيقُ |
يا أيها الوجهُ الذي أحببتُهُ | من أين يبتدىءُ الحديث مَشوقُ |
تسعون قرناً ، كان حبُّك رايتي | ولمثل عينيك العذاب يروقُ |
تسعون عاماً ، والقصائدُ شُرَّعٌ | والليل نزفٌ ، والفؤاد حريقُ |
ما قلت : يا أمي الحبيبة ، خانني | قلبي ، فقلبُ المستهام صدوقُ |
ما قلت .. أعلم أن حُبَّك واجبٌ | وعليَّ في هذا الجهاد حقوقُ |
كانت تضيقُ بي البسيطةُ كلّها | ونفوسُ مَنْ حفِظَ الوداد تضيقُ |
ويظل هذا الوجه غايةَ رحلتي | والحرفُ حُرٌّ ، والنّشيدُ سبوقُ |
والشّعر منكوس البيارقِ ، لم يزلْ | والبيت فيه عناكبٌ وشُقوقُ |
يتسابقون إلى القصيد جحافلاً | تترى ، وكُلٌّ خَانَهُ التّوفيق |
وأَتيتِ فوق مطالعي شَمْسَ الضُّحى | وعليَّ من حُلَلِ الضّياء بُروقُ |
وقصيدتي من طُهْرِ وَجْهِك تَزْدَهي | في كُلّ حرفٍ نضرةُ .. ورحيقُ |
وأتيتِ يا وجْهَ الحياةِ ، على فمي | شجرُ له في الخافقين عروقُ |
وأتيتُ ما ضيّعت عهد أميرتي | فالعهدُ في لغةِ القلوبِ وثيقُ |
يا عُنفوانَ الشِّعرِ حين أهزُّهُ | والخطبُ هوْلُ ، والمدارُ نعيقُ |
تتخشَّبُ الكلماتُ ، يصبح عَذْبُها | شَجناً ، فيا لِلْمُرِّ حين أذوقُ |
أمي الحبيبة ، يزدهون ببِّرهم | والبرّ في هذا الزمان عقوقُ |
أسرجتُ ظهر الشّعر قلتُ لك اركبي | وركبت والمُهْر الحرون عتيقُ |
تسعون قرناً ، ما تراخى عزمُهُ | فكأنَّه من حُرقتي مخلوقُ |
واليوم يا نهرَ الجلال وسيفُنا | خشبٌ وفارسُنا العظيم مَعوقُ |
ما غيَّر الفكرُ الجديد مواقفي | فالبعدُ بين الموقفين سحيقُ |
أَنَّى أبيعك للظَّلام ، وِلِلْخَنَا | ضِدان ليلٌ أليلٌ وشروقُ |
يتكالبون على جِراحِكِ ، ما دَرَوْا | أنَّ الكريمةَ دونها العيُّوقُ |
ما ضرَّني لجبُ العُداةِ وحشدهم | وَرَقُ العُداةِ بأرضنا محروقُ |
ما ضرَّني إلا بَنُوْكِ تطاحنوا | ماذا إذا طَحَنَ الشّقيقَ شقيقُ ؟ ! |
في كلِّ قارعةٍ يُجالِدُ مَجْدَنا | باسم الحضارةِ خائنٌ زنديقُ ! |
( يا عالمي العربيُّ ) أين عُروبةٌ ؟ | من نَسْلِها الصدّيق والفاروقُ |
( يا عالمي العربيُّ ) أي عُروبةٍ ؟ | ( والقبلة الأولى ) دَمٌ وشهيقُ |
( يا عالمي العربيُّ ) أي عروبةٍ ؟ | في القلب حقدٌ ، والكساء فسوقُ |
( يا عالمي العربيُّ ) ، كُلٌّ يدعي | صدق الصّديق وما هناك صديقُ |
ضيعت مبدأك العظيم ، وليس في | عصر الدراهم للبطالة سوقُ |
دعْ هذه الألقابَ ، دينك واحدٌ | دينُ المحبَّةِ ليس فيه فُروقُ |
من ( قندهارَ ) إلى ( الرصافةِ ) وحدةٌ | ( بيمار ) يشرب من شَجَاه طُويْقُ |
إني لألمح في يمينك رقدةٌ | والكفُّ حتفٌ والحسامُ ذليقُ |
ما خانَ هذا الكفَّ إلا ماكرٌ | والمكرُ بالقلب الخؤوفِ محيق |
يا فجرَنا الميمون ضَوْؤُك قادمٌ | مهما يُعَششُ في العيون بريقُ |
والأفق في عينيك يا محبوبتي | معشوشبٌ ، غضُ الإهابِ ، وريقُ |
تسعون قرناً والجراح مُرِبَّةٌ | والوجهُ يندى ، واللسان طليقُ |
ما كلَّ زندُك ، يا أميرةَ أحرفي | زند العظيمةِ بالعظام خليقُ |
ورحلتِ يَصْفَعُك العُبابُ بِكَفِّهِ | ويعوقُ سَيِركِ عاصفٌ ومضيقُ |
وبلغتِ كان بلوغُ أمرِكِ آيةً | ولمن نجا فوق السُّيوفِ طريقُ ! |