فـلـق الـصـبـاح
رَجِّـعْ دَوِيَّـكَ في البطاح ودَمْـدِمِ | وانهض لَملْحَمـةِ الجِهَـادِ وأقْـدِمِ |
رَجِّعْ نِداءَكَ في الوِهَاد وفي الذُّرَى | وبكُلِّ مُنْعَطَـفٍ يَحـنُّ إِلى كَمِـي |
واطْرُق بِصَيْحِتِك الفضاء فهاهنـا | خَنَقُـوْا النداءَ وأطْبَقُـوا فوقَ الفَمِ |
وارْفَعْ نِداءَكَ في السماء يطُفْ على | أَفْلاكهـا حُرّاً وَبَـيْـنَ الأنْـجُـمِ |
مَنْ ذا يُجيبُكَ والدُّنا قَـدْ سَكَّـرَتْ | أسْمَاعَها والدَّارُ قبضةُ مُجْـرِمِ ؟ ! |
فَارْفَعْـهُ للرَّحمن خَفْقـة مُـوقِـنٍ | بـالله لا غِـرٍّ وَ لا مُـتَـوهِّــمِ |
وَاْلجَأْ إِليْـه فَلَـم تَـزَلْ أبْـوَابُـهُ | مفْتُـوحَـةً للسَّائِـلِ المُتَـوسِّـمِ |
المُشْرَعاتُ عَلَى الرُّبى مـا بالُهَـا | طُوِيَتْ وما بَـالُ الفتَى لْم يَـحْـزمِ |
مَا بالُهُـمْ وَقَفُوا وأضْحى زَحْفُهُـمْ | كالـبرق مِنْ أُفقٍ شحِيـحٍ مُظْلِـمِ |
هَـلاَّ نَشَـرْتَ الفَجر في جنباتِـه | ونشرت مِنْ بَرْقِ العـزائم والـدَّمِ |
فانْهضْ ! فَهَاتِيكَ الرُّبى قد فوَّحتْ | بالعطْرِ مِنْ عَبق الجِهَـادِ المُلْهِـمِ |
أَمجَـادُ تـاريـخ وَوحـيُ نُبُـوة | وَجَـلالُ إِسْـراءٍ وَعِـزَّةُ مُسْلِـمِ |
وَرَفيقُ آيَاتٍ تمُـوجُ بِسـاحِـهَـا | نُـوراً فَيَغْمُـرُ مِنْ رُبىً أو مَعلَـمِ |
قُدْسِيَّـةُ الأنـوار يَخشَـعُ عنْدَهـا | قَلبي ويطْهرُ مِنْ هَـوىً أو مأْثَـمِ |
* * * |
|
يَا رَبْوةَ الأقْصَـى حَنِينُـكِ أدْمُـعٌ | وأنينُ صَدْرِكِ مِنْ جَـوىً لَمْ يُكْتَـمِ |
تَتَلَفَّتـين ! وأَيْنَ إعصـارُ الفتـى | يُنْجيـك مِنْ رَهَقِ الإِسَارِ المُحكَـمِ |
تَتَلفَّتِـين ! وَ كُـلُّ يـوم ثــورْةٌ | عَصفَتْ وَقَيْدُك في الوغَى لَمْ يُحْطمِ |
أيْـن الفَتَـى لله يَـدْفَـعُ خطـوَهُ | وثْبـاً كَبَـارقٍ صَارِم أو لَهْـذَمِ ؟! |
ويَـدُقُّ أبْـوابَ الجِنَـانِ علَى دَمٍ | حُـرِّ وَعهْدٍ في الوَغَـى لَم يُثْلَـمِ |
* * * |
|
فانْهَضْ إذا أَوْفَيْتَ خُطـةَ مُؤمـن | وصَـدَقْتْ نَهْجَ الفَارِس المُتَرَسِّـمِ |
وَتَحفَّـزَتْ كُلُّ الرُّبى ! يَا حُسْنَهـا | والغَـارُ فَوقَ جَبِيِنهَـا والمِعْصَـمِ |
وازّيَّنَـتْ بالـزّاحفـين كَـأنَّهـم | فَلَـقُ الصَّبَاحِ جَـلاَ عَبيرَ العَنْـدَمِ |
كُـلُّ المَيَـادِيْـنِ التـي هَيّجْتَهـا | هَبَّـاتُ خَـطَّـارٍ ولَهْفْـةُ مُعْلَـمِ |
* * * |
|
أمَـلٌ عَلى أجْفَانِنـا وكُـبُـودِنـا | وعَلى مُحَيَّـانَـا وَفَـوقَ المبْسـمِ |
أمَـلٌ كَأَنَّ الفَجْـر في بسَمَـاتـه | ورَفيفُـهُ بَيْن الطُّيـوف الـحُـوَّمِ |
وَنَضُـمُّ في أَحْنائِنا شَرَف الهَـوَى | والشَّـوْقُ بَيْنَ مُجَنَّـحِ و مُكَـتَّـمٍ |
لله مـا تَهْفُـو القُلُـوبُ إلى غَـدٍ | زَاهٍ عَلى مَـرِّ الزَّمَـان مُـوَسَّـمِ |
ومَواكِـبُ الإِيَمان تَجْلو نَصْـرَهَـا | لتُعيـدَ لأْلأَةَ الفُـتُـوحِ الـيُـتَّـمِ |
وَمَجَـامِـعُ الدُّنيا تُرَدِّدُ حَـوْلهـا | الله أكْـبَـر ُ أقبِـلي وَتَقَـدَّمِـي |
لا تَنْثَنـي إِلا وفَـتْـحٌ مُـشْـرقٌ | وَكَريمُ عِرْضِكِ في الْوَغَى لْم يُكْلَـمِ |
دَارُ مَبَـاركـةٌ وسَـاحُ ربـاطهَـا | بَابُ الجنَان وآيةُ الشِّوقِ الظَّمِـي |
يَا يَـومَ أنْ ثَارَتْ هُناك قَـوَافِـل | تَتَـرَى تَشُقُّ منَ العَجَـاج الأَقْتـمِ |
ما صَدَّهُـمْ فَقْـرُ العَتاد ولا أسَـى | ذاكَ الإِسـارِ ولا فَـدَاحَـةُ مُغْـرَمِ |
مَـا صَدَّهُـمْ خَدَرُ القَرِيبِ ولَهْـوُهِ | وَهَـوانُ أحْـلامِ الغُـفَـاةِ النُّـوَّمِ |
شـدُّوا أكُفَّـهُـمُ كـأنَّ زِنَـادَهـا | وقْـدُ العَزيمَة في لَهِيـب مُضْـرَمِ |
مَا كَان فِيها لو نظرُتَ سوَى الحَصى | قد أرْعَدَتْ في الأُفْقِ إرْعَادَ الكمِـي |
وكَأنَّهَـا قَصْفُ المَدافَع ولْـوَلَـتْ | ما بَيْنَ أعْراسِ الجِهَـادِ وَمَـأْتِـمِ |
وَحَنـاجِـرٍ خَفَقَـتْ كَأَنَّ دَويَّهَـا | رَعْـدٌ يُجَلْجِلُ أُو زَئِيـرُ الضِّرْغَـمِ |
تركَـتْ قِـلاعَ الغَاصبـين كأنَّهـا | تَهْـوي بِمُنْصَدعِ الجِـدَار مُهَـدَّمِ |
* * * |
|
أمَـلٌ يُدَاعِبُـهُ الخَيالُ فَهلْ تُـرى | صدَقَ الخيَالُ وَجَـدَّ بَعْدَ تَوَهُّـمَ ؟! |
أمْ أنّـهُ بَـرْقٌ ! فـيـا لعَـزائـمٍ | هبَّـتْ عـلى نهْـجٍ أدقَّ وَأَحْـزمِ |
* * * |
|
يَا خُطَّـةَ الإِيَمانِ ! إِنَّ جَـلاءَهـا | بَيْنَ النّـزال وبينَ رأْيٍ مُـحْـكَـمِ |
شَرَفُ الفَعـالِ يُصَانُ بَيْنَ أسـنَّـةٍ | تَجْلُـو عَلَى المَيْدَانِ نَهْجَ المُسْلِـمِ |
تَمْضِـي السنُونَ وَكُلُّ يَوْمٍ خِدْعـةٌ | بَيْنَ ” الحُلُـول ” وأَنَّـهُ المتَظَلِّـمِ |
وَنَكَـادُ لاَ تَرْضَى هَـوَانَ خديعَـةٍ | إِلاَّ طَـوَينَـاهَـا بـحَـلٍّ أشْـأَم |
يَا أُمَّـةَ الإِسـلاَمِ دَرْبُـكِ مُقْفـرٌ | مـا بَيْنَ أوهَـامٍ تَدُورُ و مَزْعَـمِ |
فَدُرُوبُهـا شَـوْكٌ أَشَـدُّ عليك مِنْ | خَرْط القَتَـادِ ومِنْ مَـذاَق العَلْقَـمِ |
شَـرَكُ المُسَاومَة التي تَـرْجينهـا | شَـرَكُ يَمُـدُّ إِليـك نَـابَ الأرْقـم |
هَـلاَّ أفَقْـتِ عَلى المَيَاديـن التي | تَهْدي إِلى وَضَح السّبِيِـل الأقْـوَمِ |
حَقُّ الشُعُوبِ يَنَالُـه خَطْفُ القَنَـا | والـرَّأيُ رأيُ المُؤمِـنِ المتَقَـدِّم |
فرِدي حِيَاضَ المَوْتَ حَتى تُوهَـبي | عِـزَّ الحَيَاةِ وأقْدِمـي لا تُحْجِمـي |