الـفـجـر الـدامـي
دَوّى الأَذَانُ ! فَيَـا منَـابِـرُ أَوِّبي | شَـوقـاً إلى خُضْرِ الجِنَانِ وَرَدّدي |
خَشَعَتْ لَهُ الـدّنيـا ! فَيا لَجَلالِهِ | وجَمَـالـه وجَـلالِ ذاكَ المشْهَـدِ |
كـلُّ المرابعِ أَخْبتَتْ لِلّـه خــا | شِعَـةً فمِـنْ وَادٍ يَـرفُّ وأَنْجُـدِ |
ونَسَـائم الفَجْـر البَليل سَرَتْ به | عَبَـقــاً وأَنـداءً وآيَ محمَّــد |
وكـأَنَّ شقشقَة الطيــور ِ نَدَاوَةٌ | رفَّتْ وتسْبيحُ الــرُّبى والأوهُـدِ |
وكأَنَّ شقشقَة الزهـور تظلَّ تَسْـ | ـأَلُ ما يُخـبَّـأُ يا مَرابعُ في غدِ |
وتنفَّسَ الـورْدُ الغَنِيُّ كَــأَنّـهَ | عَبَقٌ يجودُ بِعطــره المُـتَـورِّدِ |
يُلْقي عَلى السَّاحَـات مِنْ دَمِه دَماً | لِيَقُول: يا دُنْيـا أَطِلّـِي واشُهَدي |
فَهُنا مَيَـادينُ الجهـادِ نَمْـدُّهـا | دَفْقــاً بأمــواجِ الدَّم المتجدِّدِ |
وهنا رباطُ المؤمنينَ وسَـاحَـةٌ | لجِهادِهـمْ أو آيـةٌ للمهتــدي |
تَتَلَفَّتُ الآفَـاقُ ، لا تَلْقَى سِـوَى | سَاعٍ يُجيـبُ نِــدَاءَهُ أو مُغْتـد |
* * * |
|
وتَنفَّسَ الصُّبحُ النَّـديُّ و حَـوَّمَتْ | بَيْنَ الدّيـار مُنى وطلعـةُ شُهَّـدِ |
يَسْعَـون للبَيْتِ المنَوَّر بالهُـدى | مُستبْشِرين بِجَـولـةٍ أو مَـوِعِدِ |
فرُبُوعُهـا سَاحُ الرّبـاط لمؤمِنٍ | متَـواثِبٍ أَو مـؤمِـنٍ مُـتَهجِّـدِ |
يتـواصَل التَّاريخُ في سَـاحاتِها | بنُبُـوة الإسْـلاَم و العَهْـد النَّدي |
يَسْعَون للحَـرمِ الطّهور خُطـاهُمُ | نُـورٌ يشُقُّ ظـلامَ لَيْلٍ أَسُــودِ |
نِعمَ البُكورُ وتِلْكَ عَزْمة مؤمِـنٍ | والجُمْعَةُ الزَّهـراءُ لهْفَةُ أَرْشـدِ |
والنـورُ مِنْ رَمَضَان مُنبَلجٌ عَلى | سَـاحاتِهَا فَيْضـاً غَنيَّ المـورِدِ |
يَـا للفضَائل ! كُلّها قَـدْ جُمّعَتْ | للصَّـائـمين القائمينَ السُّـهَّـدِ |
* * * |
|
لِلّــه درُّ البَيْـتِ بَيْتِ نُبُــوَّةٍ | وَشَهـادَةٍ صَـدَقَتْ وطَلْعـةِ رُوَّدِ |
وكَـأَنّ إبراهيمَ، يا لَـدُعَـائِه ! | نادَى وقالَ: هُنَـا وَفَـاءُ مُحَمَّـدِ |
الصّـائِمـون العَابـدون خُطاهُمُ | شَــوقٌ يُلحُّ ولهفَــةُ المُتعَبِّـدِ |
فَكّــأَنّـها أَبـدَاً تحِنُّ لجَنَّــةٍ | خَضْراءَ زاهِيــةٍ وبِـرٍّ أخلــدِ |
وأَتـَوالِبَيْتِ اللـهِ يَخْشَـعُ عِنْدهَ | قَلْبٌ أَبَـرُ وخفْقَـة مِنْ أَكـبُـدِ |
فَتَرى مَـواكِبَهمْ هُنـاكَ كـأَنّهـم | زُهْـرُ الكَـواكِبِ أَو مَطَالِعُ فَرقَـدِ |
رُفِعُ الأَذَان فأقْبَلُــوا وصُفُـوفُهمْ | مَرْصُوصَةٌ وَقلـوبُهُمْ شَوْقُ الغَدِ |
اللَّـهُ أَكْبَرُ! فانْحَنَوا لـرِكُوعِهمْ | واللَّـهُ يَسْمعُ خَفْقَـةَ المتَـوَجِّـدِ |
رَفَعُوا وأهْوَوا للسُّجـودِ فلا تَرَى | إلا خُشَـوعَ العابِـديـن السُّجَّـدِ |
دَوَّى الرّصَاصُ! وخلف كلِّ رصاصةٍ | عـاتٍ تمرَّسَ في الضّـلال الأنْكدِ |
المجـرمون ! فيـا لِهَوْلِ جَريمةٍ | كُبْرَى ! ويا لِلْمُجْـرِمِ المتَرصِّـدِ |
كمْ مُجْرِمٍ في الأَرض لم يَقْنُتْ ولمْ | يخشعْ لخَـالِقِـهِ وَلمْ يتَعبَّــدِ |
دَوَّى الرصـاصُ فمن شَهيدٍ فُجِّرتْ | أَضـلاعُـهُ و مُجنْـدل لـم يُرْفَدِ |
تَتَطـايَـرُ الأَشْـلاءُ كُـلُّ ضحيـة | تَشْكُـو لِبَـارئِهَـا هوانَ الهُجَّـدِ |
وتلاقَتِ الأَشـلاَءُ عَبْرَ فَضَـائِهَـا | مِنْ كُلِّ ناحِيَـةٍ تُبَـاحُ لمُعْتَـدِي |
مِنْ أرض ” كَشميرٍ ” نداءُ دِمَـائِها | مِنْ أَرض “بُوسْنة” صرخَةٌ لم تُنْجَدِ |
مِنْ كُـلِّ مَجْزَرَةٍ بَقَـايـا أُمَّــةٍ | تُلْقَى وتُنْشَر في الفَضْـاء الأَربـدِ |
أضْحتْ دِمَـاءُ المسْلمينَ مُبـاحَةً | لِلمُجْـرمين ! لِكُلِّ عَــادٍ مُفْسِـدِ |
وديـارُنـا أضحتُ مُفتَّحـةً لَهُمْ | وقلـوبُنَـا فُتِحَتْ لفِتْنـة مُـلْحِـدِ |
المُجْـرِمُـونَ عِصَـابـةٌ مُمْتَـدَّةٌ | في الأَرْض عَنْ جَشَعِ الهَوى المُتَمرِّدِ |
يا لِلْيهَـودِ ! وخَلْفِ كُلِّ مُصِيبـةٍ | فِتَنُ لَهُمْ ويَـدٌ ! فَيـا شَرَّ اليَـدِ ! |
جَمَعُوا مِـنَ الأَحـلافِ بينَ حِبَالهمْ | دُوَلاً فماجُـوا بِـالبَـلاءِ المُرْعِدِ |
مَنْ كّانَ يَحْلُم بالسَّلاَمِ مَعَ اليَهـو | دِ فَـذاكَ حُـلْمُ الجَاهِلِ المتزَيِّـدِ |
طَمِعُوا ،كما طَمِعَ الضَّلالُ جَميعُه، | بِالمُسْلِمين ، بِدَارِهِمْ ، بـالأَنْجُـدِ |
لا ! لا يُريدون السَّلامَ ولا يُريـ | دُ الأَمْـرِكانُ ولا طبائـع مُعْتَـدي |
جَعَلُوا السَّلام خَديعةً نَصَبُوا بـِهَا | شركــاً يُمَـدُّ لحـائِـرٍ مُـتَردِّدِ |
* * * |
|
أَيْنَ النّظـامُ العـالميُّ وأَيْـن يـا | دُنيـا حُقـوقُ مُقَتّـَلٍ ومطَـرَّدِ ؟! |
أَينَ العَــدَالةُ والوُعُودُ وكَيفَ يُرْ | جى العَدْلُ منْ ذئْبٍ يَجُولُ وأَسْودِ؟! |
يا أُمَّتي إنْ لَمْ تُفِيقي فَـاشُهَـدي | أَمْــواجَ لَيلٍ زَاحِفٍ مُتَمَـــدِّدِ |
لُمِّي صُفَوفَك ، أَمّة الإِسلام ، كالـ | بُنْيـانِ مَشْـدوداً بِعَهْـدٍ آكَــدِ |
خُوضِي مَيَادينَ الجهادِ وَرَجِّـعـي | شَوْق الشَّهـادة دونَ ذلك وانْهَدِي |
يا أُمَّـةَ الإسـلام تلك أَمـانَـةٌ | وشَهـادةٌ للَّـهِ ! قُومي فاشْهَـدي |
يا أُمّةَ الإِسلامِ يا أمَـلَ الشّـعـو | بِ جَميعِها ! أَوفي بَعْهدِكِ ! أَنْجدي |
لا ! لَنْ يُقيمَ العدْلَ إلا مُـؤمِـنٌ | صَدَق الإِلهَ وقال: يَـا نَفْسي رِدِي |
* * * |
|
دارَ الخليل تحيّـةٌ مِنْ مُهْجَـــةٍ | عَـرفَتْ جَـلال جِهادِك المُتوقِّـدِ |
قد كُنتِ بالأَمس القريب غَنـيّـةً | بـالبـذْل زاهيَـةً بِجُـودِكِ واليَدِ |
طَهَّرتِ أَرْضَكِ مِنْ تَدفُّقِ رجْسِهِمْ | ورَوَيْتِها بالطُّهر من دَمِكِ النَّـدي |
واليومَ أَعْلَيْتِ الـوفَـاءَ فـهـذه | زُمَـرٌ تَواثَبُ للشَّهادة فاسْـعـَدي |
وَغـداً تَرَيْنَ مَوَاكِباً مَوْصُـولـةً | للّـه زاحـفــةً وطلْعَــةَ رُوَّدِ |
والنَّصْرُ كـالفجْـرِ المُنـوِّرِ مُقْبِلٌ | بُشرى إليـكِ و آيـةً للمُهْـتَـدِي |
ميلي إِلى الأقْصَى ! حَنينُكِ لمْ يَزَلْ | صَفْواً وعَهْدُك لَمْ يَزَلْ أَمَلَ الغَـدِ |
مِيلي هُناكَ وَجَـدِّدا عَهْـداً أَبَـرَّ | لجِـوْلَـةٍ تُوفي بـِصدْق الموعِدِ |