لغـتي الجميلـة
مالـي خَلَعْـتُ ثيابي وانْطَلَقْـتُ إِلى | سِـواي أَسـأَلهُ الأثـوابَ و الحُـلَلا |
قَـدْ كانَ لـي حُلَلٌ أزْهو بِبْهجَتهـا | عِزّاً وَيزْهو بِها مَنْ حَـلَّ وارْتحَـلا |
أَغْنى بِها ، وَتمدُّ الدفْءَ في بَدَنـي | أَمْنـاً وتُطْلِقُ مِنّي العـزْمَ والأَمَـلا |
تمـوجُ فيهـا الـّلآلي مِنْ مآثِرهـا | نوراً وتبْعَـثُ مِنْ لآلاِئهـا الشُّعَـلا |
حتى أفاءتْ شُعوبُ الأرْضِ تَسألُهـا | ثـوباً لتستُرَ مِنْها السُّـوءَ و العِـلَلا |
مـدَّت يَدَ الجودِ كَنْزاً مِنْ جَواهِرهـا | فَزَيَّنتْهُـم وكانـوا قبـلـها عُطُـلا |
جـادتْ عليهم وأوفَـتْ كلَّ مسْألـةٍ | بِـرّاً تَوالى ، وأوْفَـتْ كلَّ مَنْ سَـألا |
هذا البيـانُ وقـدْ صاغتْـهُ معْجِـزةً | تمضي مع الدّهرِ مجْـداً ظلَّ مُتَّصلا |
تكسو مِنَ الهـدْيِ ، مِنْ إعجازِهِ حُللاّ | أو جَوْهَراً زيَّنَ الأعطافَ والـعُطَـلا |
نسيجُـه لغـةُ القَرآنِ ، جَـوْهـرُهُ | آيٌ مـنَ اللهِ حقّـاً جَـلّ واكْـتَمـلا |
نبعٌ يفيـضُ على الدّنيـا فيملـؤُهـا | رَيّـاً وَيُطلـقُ مِنْ أحواضِهِ الحَفَـلا |
أو أنه الروّضُ يُغْني الأرْضَ مِنْ عَبَقٍ | مِـلْءَ الزَّمانِ نديّـاً عـودُهُ خَضِـلا |
تَـرِفُّ مِنْ هَـدْيِهِ أنـداءُ خـافِقَـةٍ | معَ البكـورِ تَمُـدُّ الفَيْءَ و الظُّـلَلا |
وكـلُّ مَنْ لوّحتْـه حَـرُّ هـاجِـرةٍ | أوى إلـيه ليلْقـى الـرّيَّ و البَـلَلا |
عجبتُ !! ما بالُ قومي أدْبَروا وجَرَوْا | يرْجونَ ساقطـةَ الغايـاتِ والهَمَـلا |
لمْ يأخذوا مِنْ ديارِ الغـرْبِ مكرُمـةً | مِنَ القناعـةِ أوْ علمـاً نَمـا وَعَـلا |
لكنّهـمْ أخـذوا لَـيَّ اللّسـانِ وقـدْ | حباهُـمُ اللهُ حُسْنَ النُّطْـقِ مُعْتـدِلا |
يـا ويحهمْ بـدَّلوا عيّـاً بِفصحِهـمُ | وبالبيـانِ الغنيِّ استبـدلـوا الزَّلَـلا |
إن اللّسـانَ غـذاءُ الفكـرِ يحْملُـهُ | عِلْمـاً وفنّـاً صواباً كانَ أو خَطَـلا |
يظلُّ ينسـلُّ منـه الـزّادُ في فِطَـرٍ | تلقى بـه الخَيْرَ أو تلقى بِهِ الزَّلـلا |
الأَعْجَمِـيُّ لِسـانٌ زادُهُ عَـجَــبٌ | تَـراهُ يَخْلـطُ في أَوْشابِـهِ الجـدَلا |
لمْ يَحْمِلِ الهدْيَ نـوراً في مَصـادِرِهِ | ولا الـحقيقـة إلا كـانت الـوَشـلا |
فحسبُنـا مِنْ لِسانِ الضّـادِ أنّ لـه | فيضاً من النّور أو نبعاً صَفا وجَـلا |
وأنه اللغة الفصحـى نمـت وزهـتْ | تنزّلـتْ وبـلاغـاً بالهُـدى نـزلا |
وأنـه ، ورسـول الله يُـبـلـغـه | ضمَّ الـزمان وضمَّ الآيَ وَالـرُّسـلا |
وأنـه الكنـزُ لا تفنـى جـواهـرهُ | يُغْنـي الليـاليَ مـا أغْنى بِهِ الأُوَلا |
يظـلُّ يُـطْلِـقُ مـن لأْلائِــهِ دُرراً | عـلى الزمان غنيَّ الجـودِ متصـلا |
فعُـدْ إلى لغـةِ القـرآنِ صـافـيَة | تَجْلو لكَ الدَّربَ سهْلاً كانَ أو جبـلا |
تجلو صراطـاً سويّاً لا ترى عِوجـاً | فيـه ولا فتنـةً تَـلْقـى ولا خَـللا |
تجـلو سبيـلاً تـراهُ واحـداً أبـداً | وللمُضـلّين تْلقى عنـدهُمْ سُـبُـلا |