حـب ووفـاء 2
بَحَثْـتُ عَنِ الوَفـاءِ فَلـمْ أَجِـدْهُ | عَلَى شَـرَفٍ ولا في بَطْـنِ وَادي |
ولا بيْنَ السّهـولِ ولا الـرَّوابي | ولا بَيْنَ الحَـواضِـرِ والبَـوَادي |
ولا بَيْنَ الـمنـازِلِ والحَـوَاري | على طـول المـرابـعِ والبـلادِ |
عجِبْـتُ وكُلمّـا صـادَقْـتُ خِـلاٍّ | سأَلـتُ أصـاحِـبٌ ذا أم مُعَـادي |
وَحِرتُ مَعَ المُنافِق ، كَمْ جَهـولٍ | يَظـنُّ نِفاقَـهُ فِـطَـنَ الـرَّشَـادِ |
ومَهْما جُدتَ بالمعـروفِ سَمْحـاً | تُسَـوَّدُ عِـنْـدَه بيـضُ الأَيـادي |
فَلا حَـذَرٌ ولا الإِحْسَـانُ يُجْـدي | ولا صَـفْـوُ المحـبَّـة والـوِدادِ |
يُجمِّـع مِنْ سَـوادِ اللَّيْـلِ مكْـراً | ويَنْشُـر في الصَّبَاح مِنَ السّـوادِ |
عَجِـبْـتُ وكُـلمَّـا آنسْـتُ ودَّاً | وشِمْتُ بَـوَادِرَ الرَّجُـلِ الجَـوادِ |
رَجعْتُ وخِنجَـرٌ مِنْـه بظهـري | يُمَـزِّقُ في الضّلُوعِ وفي الفُـؤَادِ |
الثاني : |
|
روَيـدَكَ يا أَخي ! بَالغْـتَ حَقّـاً | وتُهْـتَ عَـنِ الحَقيقَـة والسَّـدَادِ |
أيُعْقَـلُ أَنْ تكون الأَرْضُ خِـلْـواً | مِـن الأَبْـرَارِ أوْ أنْـوارِ هَـادي |
ويَعْبَـثُ في مَحـارِمِهـا ذِئـابٌ | ويَعْبَـثُ في المرابِـع كُـلُّ عَـادِ |
ألـم تعـْلَـمْ بـأنّ الله أبْـقَـى | رِجــالاً للهـدايَـةِ والـرَّشـادِ |
وطائفـةً مَـعَ الأيـامِ تَمْضـي | عَلى عَبَـقٍ مُظَفّـرَةَ الـجِـهـادِ |
كأنَّ المسكَ بعضُ شـذى هُداهـا | أزاهِـرُ فـوّحَـتْ في كـلِّ نـادِ |
هُـمُ الغَيثُ المنَزَّلُ في الـرَّوابي | إِذا ما أَجْـدَبَـتْ خُضـرُ النِّجـادِ |
فتهتَـزُّ الـرُّبَى زَهَـراً وتَغْنَـى | وتزْخَـرُ بالعَطَـاءِ وبـالحصَـادِ |
هُمُ الأَمَـل المنـوِّرُ ما ادْلهِّمـتْ | لَـيـالٍ بالـنـوازِل والـعَـوَادي |
هُـمُ البُشْـرى إِذا يَئِستْ نُفُـوسٌ | وغَـابَـتْ في التعلُّـلِ والـرُّقـادِ |
كَـأنَّ وفـاءَهـم غَيْـثٌ مُغِيـثٌ | تُـرَوَّى منـه أكْـبـادٌ صَـوَادِي |
أولـئـك جُـودُهـم ودٌّ مصفّـى | أَبَـرُّ فـلا يُخـالَـطُ بـالـفَسَـادِ |
لَقَـدْ أوفَـوْا مَعَ الرحمن عَهْـداً | فطـابَ وَفـاؤهُـمْ بَيْنَ العِـبـادِ |
فكيـفَ تَـرُومُ مِن قـومٍ وَفـاءً | وتطـلـبُ مِنْهُـمُ صفْـوَ الـوِدادِ |
وقـد نكَثُوا العُهـودَ وضَيَّعُوهـا | وَمَـا صَـدَقـوا بِهـاربَّ العِبـادِ |
الأول : |
|
صَدَقْـتَ أَخِي ! نَصَحْتَ وقُلْتَ حقَّاً | وجِئـتَ إِليَّ بـالـدُّرَرِ الجِـيـادِ |
جَـزَاك الله عَـنّـا كُـلَّ خَـيْـرٍ | وزادَكَ مِـنْ هُـداهُ بِخَـيْـر زَادِ |
سَيْبقَـى في الحَيـاة أَخُـو وَفـاءٍ | يُمْحَّـصُ بَـيْـنَ أحـداثٍ شِـدادِ |
ويَبْقَى في الحيـاة رِجَـالُ غـدر | وأَهْـلُ خَـديِعـة وحُشـودُ عـادِ |
ليُبْلَـى بَعضُهُـمْ حـقّـاً ببعـضٍ | ويُعْـلَـمَ كـلُّ مخْـفِـيٍّ وبـادِ |
فيُـوْخَـذَ خائِـنٌ حينـاً ويُمْـلَى | لـهُ حِينـاً ليَهْلِـكَ بـالتـمـادي |
وتمضِـيَ سُـنّـةٌ للهِ فِـيـنَـا | وَحكمـةُ خـالِـقٍ وسَبيـلُ هـادِ |
ونُطْـوَى بَعْـدُ في ظُلماتِ قَبْـرٍ | لنُنْشَـر للحِسَـابِ وللـمَـعَـادِ |
ليـومٍ تُفصَـل الأَحـكـامُ فِيـه | وتَعظُـمُ فـيْـه أَهْـوالُ التَّنَـادي |
فينْعَـم بالجِـنـانِ أخـو وَفـاءٍ | ويُلْقَـى خَائـنٌ في قَـعْـرِ وادِ |
أَخي حُسْنُ الوَفاءِ صَفَاءُ دِيْـنٍ : | جَمـالُ في الحيـاةِ وطِـيـبُ زَادِ |
ومن نَكَـثَ العُهُـودَ يَضلّ سَعْيـاً | ويَشْقَـى في هَـوى فِتَـنٍ شِـدادِ |
يُزَيِّنُهـا لـه الشَّيـطـانُ حَتّـى | يُـقـادَ بِغَيِّهـا شَـرَّ انْـقـيـادِ |
جَمـالُ حَيـاتِنـا صِـدْقٌ وحـبٌّ | هما صَفْـوُ الـوَفاءِ أو المَبَـادي |
وهـل تُجْزَى يَـدُ الإحسـان إلاّ | بإحْسـانٍ يَفيـضُ مِنَ الـفُـؤادِ |