إلى أين يا قومي ؟؟
خجلت – ورب البيت- من حال أوطاني | فلا الحرب أرضتني ولا السلم أرضاني |
فلست أرى إلا وجوهاً كثيبة | ولست أرى إلا صراعات إخوانِ |
ولست أرى إلا خلافاً وفرقة | أعدنا بها أيام “عبس” و”ذبيان” |
رصاص ولكن في صدور أحبة | وعزم، ولكن في موالاة عدوانِ |
نسينا على عزف الشعاراتِ ديننا | فلسنا إلى قاصِ ولسنان إلى دانِ |
فكم ظالم يمشي إلى كل رغبة | وكم من برئ جاثم خلف قضبانِ |
وكم حرة صاحت أباه ولم تجد | يداً تحتميها من ذئاب وغربانِ |
**** | **** |
أرى في الوجود الباسمات تجهماً | وفي نظرات القوم أغضاء حيرانِ |
ويطعنني سهم الصديق فأنثني | وفي جسدي جرح وجرح بوجداني |
أخي .. ما دها عينيك ، ما عاد فيهما | صفاء يشيع الأمن في قلبي العاني |
أرى في الروابي الخضر جدباً يميتها | وفي نبعها الصافي رواسب أدرانِ |
لقد كنت تبني صرح قوتنا معي | فكيف غدوت اليوم، تهدم بنياني |
ألا ليتني ما عشت حتى أرى يدي | وقد حملت سيفي تحاول خذلاني |
ألا ليتني ما عشت حتى أرى فمي | يردد لحناً ليس من جنس ألحاني |
**** | **** |
ألا ليتني ما عشت حتى أرى أخي | يجرد في وجهي حساماً لعصيانِ |
فلسطين .. يا جرحاً عميقاً يسوقني | على درب آلامي إلى أرض لبنانِ |
فلسطين … يا ريحانة ما شممتها | ويا غادة عانت بها كف شيطانِ |
حلمت بها، والليل جاث فليتني | أراها ونور الفجر يلثم شطاني |
ثلاثون عاماً .. ما أرى الدهر مثلها | ضياعاً، وإبحاراً إلى غير عدوانِ |
ثلاثون عاماً .. والشعارات لم تزل | تفوح أكاذيباً، وتندى بخسرانِ |
ثلاثان عاماً .. ما فرحنا بفارس | يخوض غمار الحرب من غير خذلانِ |
**** | **** |
علام تعادينا، وفيمَ خصامنا | ونحن على أبواب تحرير أوطانِ |
وحتام نبقى في صفوف أخيرة | نسير وراء القوم في كل ميدانِ |
نجر عباءات الصمود، وحالنا | يدل على ذل ويوحي بخذلانِ |
ونرفع أعلام الوفاء وما نرى | وفاء ، ولكنا نرى كل نكرانِ |
نقبل أيدي الغاصبين تزلفا | وخوفاً … وننسى أننا أهل قرانِ |
**** | **** |
إلى أين يا قومي؟ وقد حف دربنا | بشوك، وزقوم، وتدبير شيطانِ |
إلى أين؟ ما عادت تسيغ نفوسنا | دعايات كذاب، ورايات خوانِ |
**** | **** |
إلى أين؟ ما عادت تروق لمثلنا | نداءات عدنان، وصيحات قحطانِ |
إلى أين ياقومي؟ فإن طريقنا | طريق إباء في النفوس وإيمانِ |
طريق مضى فيه الرسول وصحبه | فما قنعوا إلا بتحطيم أوثانِ |
مضوا وظلام الشرك في كل بقعة | يبثون نور الله في كل وجدانِ |
وما رجعوا .. غلا وللحق دولة | تضاءل فيها ملك فرس ورومانِ |
بقين مشى في كل قلب فهزه | وغربله من كل شك وكفرانِ |
وركن نفوس الناس من كل زلة | فأصبح للإنسان إحساس إنسانِ |
**** | **** |
أولئك من دانت لهم كل بقعة | أتوها .. وما دانوا لبغيٍ وطغيان |
أضاؤوا بنور الله شرقاً ومغرباً | وما سلكوا درباً على غير تبيان |
إلى أين يا قومي؟ فهذا طريقنا | ولك طريق غيره، درب خسرانِ |
إذا فقد الإنسان صدق انتمائه | وأضحى بلا قلب فليس بإنسان |
***** | ***** |