أما لهذا الليل من آخر
لا تقلقي يا حسرة الشاعر | ولا تديري مقلة الحائرِ |
ففي جراحي ما سيلقي إلى | كفيك عزم الصامد الصابر |
أنا إليك اليوم يا حسرتي | أحوج من أعمى إلى ناظرِ |
حوج من قيس إلى نظرة | في وجه ليلى الباسم الساحر |
أحوج من سيف إلى ساعد | أحوج من درب إلى عابر |
ناديتُ والأحلام مذعورة | وحسرتي تنحت في خاطري |
يا ثغر ليلي لا تحدث بما | في قلبها من شوقها الغامرِ |
فقيسها ما زال في غفلة | عن همها الوارد والصادرِ |
وقيسها ما زال مسترفداً | كف الغريب المعتدي الكافرِ |
يا ثغر ليلى روعة الشعر في | أيامنا كالجوهر النادرِ |
في أمتي ألف فم ناطق | فحشاء فمن يصغي إلى الشاعرِ |
في أمتي ألف يد لم تزل | ترخي زمام المال للعاهرِ |
في أمتي قوم على لهوهم | ناموا، فمن يصمد للغادرِ |
لكنني مازلت أرجو إذا | ناديت أن يسعدني طائري |
فهذه القدس وقد خلتها | مقطوعة الأول والآخر |
تحركت فيها بطولاتها | وأفرجت عن سيفها الباتِرِ |
ثارت على أعدائكم فاسألوا | أعداءكم عن شعبها الثائرِ |
طبيعة الأحجار في كفها | تحولت ناراً على الفاجرِ |
ليس لها إلا الحصى عُدّة | تمحو بها أسطورة القاهرِ |
نداؤها مزق أصداءه | حزناً على إطراقة الناصرِ |
خمسون عاماً في دروب الأسى | من غير ما خُفِّ ولا حافرِ |
والليل مزهو بظلمائه | وأمتي في غيها السادرِ |
تنفض ثوب الصمت مذعورة | وتشتكي من حظها العاثِرِ |
كأنها ما أسرجت للهدى | خيل المدى في عصرها الغابرِ |
هذي فلسطين التي أصبحت | تكنس أرض الذل للكافر |
لا تتركوها تحتسي بؤسها | وحيدة في قبضة “السامري” |
تشكو ظلام الليل كم عربدت | أوهامه في قلبها الطاهرِ |
ليل تلاشي الطول في طوله | وصار مثل الأسد الكاسرِ |
ليل من الأحزان، ظلماؤه | باتت على بؤابة الساهرِ |
واستسلمت أنجمه لم تُطقْ | رداً لموج الظلمة الهادرِ |
ومددت ظلماؤه رجلها | تسخر بالغائب والحاضرِ |
ليل الخلافات الذي لم يزل | يرفع رأس الظالم الجائرِ |
ولمت يزل يغتال أحلامنا | ويخلط الباطن بالظاهرِ |
وأمتي في ظله أصبحت | مغلوبة مقطوعة الدابرِ |
كم صخرة في ثغرها لم تزل | تبحث عن مستبسل صابرِ |
كم عثرة في دربها لم تزل | تبحث بين القوم عن “جابرِ” |
**** | **** |
يا أمة مازالت أشدو لها | شَدِّوّ محب مُدْنَفِ الخاطرِ |
لا تقفي يا أمتي وأركبي | ظهر حصان جامح ثائرِ |
ومزقي صمت الليالي التي | يسخر فيها النجم بالناظر |
لا تسكني أرض الخضوع التي | ترفع فيها هامة الفاجرِ |
**** | **** |
سألتُ أحلامي سؤالاً له | طعم اللظى في شفة الشاعرِ |
من أين لي اليوم بشهم له | عزم “بلال” ورضى “ياسرِ” |
يا أمة الإسلام قولي لنا | “أما لهذا الليل من آخر” |
**** | **** |