قيس وليلى
كيف مات المجنون؟ هل سعدت لي | لى؟ سلوا هذه الصحاري الحزينة |
اسألوها ما حدّث الريح قيس ال | أمس ليلا وكيف عاش سنينه |
ذلك الشاعر الشريد الخياليّ | صديق الظباء في الصحراء |
ونجّي الرمال والوحش والبي | د وطيف الشحوب والأدواء |
سحق الحبّ قلبه المرهف الغضّ | فعاش الحياة دون مقرّ |
فوق تلك الرمال ينشد أشعا | ر هواه لكل هوجاء تسري |
راسما فوق صفحة الرمل ما كا | ن من الشوق والأسى والحنين |
لاثما كلّ موضع خطرت لي | لى عليه في ماضيات السنين |
يوم كانت ترعى الشياه ويرعى | قيس أغنامه فتشدو ويشدو |
وتدوّي باللحن تلك الرمال ال | سمر حيث الظباء تلهو وتعدو |
يوم كانت يا لهفة الشاعر العا | شق ماذا قد أبقت الأقدار؟ |
نضبت فرحة الصبا وذوى الوا | دي وجفت في رحبه الأزهار |
وتبقّى قبر على قدم التلّ | ذوت تحته معالم ليلى |
وحنت فوقه شجيرة ورد | تخذتها الأشلاء في القبر ظلاّ |
وتبقّى قيس المعذّب يبكي | ما تبقّى من عمره المصدوم |
راقدا عند حافة القبر لا يف | تأ يشكو إلى الصبا والغيوم |
يتمنى ليل المنايا ويدعو | ه إليه بأعذب الأسماء |
ويغنّي للموت اجمل ألحا | ن هواه تحت الدجى والضياء |
ثم جاء الصباح يوما وقيس | في يد الموت ذاهل مصروع |
ليس تبكيه غير تنهيدة الري | ح وصوت البوم الكئيب دموع |
يا قلوب العشّاق حسبك حّبا | واقبسي من مأساة قيس مثالا |
هي هذي الحياة لا تمنح الأح | ياء إلا العذاب والأهوالا |
خدعتنا بالحبّ والشوق والذك | رى وما خلفها سوى الأوهام |
عالم سافل يضجّ من الإث | م ويحيا بين الهوى والظلام |