ثورة على الشمس
وقَفَتْ أمام الشمــس صارخـةً بها | يا شمسُ، مثلُكِ قلبيَ المتمــــرِّدُ |
قلبي الذي جَرَفَ الحياةَ شبابُـــهُ | وَسقَى النجـــومَ ضياؤه المتجدِّدُ |
مهلاً ، ولا يخـدعْكِ حـزنٌ جائرٌ | في مقلتيَّ ، ودمعـــــةٌ تتنّهدُ |
فالحزنُ صورةُ ثورتـي وتمـرُّدي | تحت الليالي ؛ والألوهةُ تَشْهـــدُ |
**** | **** |
مَهْلاً ولا يخدَعْكِ حزنُ ملامحــي | وشُحوبُ لوني وارتعاشُ عواطفـي |
واذا لمحتِ على جبيني حَيْرتــي | وسُطورَ حزني الشاعريِّ الجارفِ |
فهو الشعورُ يُثيرُ في نفسي الأَسى | والدمع في هول الحياةِ العاصفِ |
وهي النبوَّةُ لم تطِرْ فتمــرّدَتْ |
|
**** | **** |
شَفَتايَ مُطبْقَتان فــوق أساهما | عينايَ ظامئتانِ للأنــــداءِ |
تَرَكَ المساءُ على جبينـي ظلَّهُ | وقضى الصباحُ على جديدِ رجائي |
فأتيتُ أسكُبُ في الطبيعة حَيْرَتي | بين الشَّذَى والوردِ والأفيـــاء |
فسَخِرْتِ من حُزني العميقِ وأدمُعي |
|
**** | **** |
يا شمسُ حتى أنتِ ؟ يا لَكَآبتي ! | أنتِ التي ترنو لها أحلامــي |
أنتِ التي غّنى شَبَابـي باِسمها | وشَدَا بفَيضِ ضيائهــا البسَّامِ |
أنتِ التي قدّستُهـــا وتَخِذْتُها | صَنَماً ألوذُ به مـــن الآلامِ |
يا خيبةَ الأحلامِ ، ما أبقَيْتِ لي | الا ظلالَ كآبتي وظلامـــي |
**** | **** |
سأحطِّمُ الصَنَمَ الـــذي شيّدْتُهُ | لك من هَوَايَ لكلِّ ضوءٍ ساطعِ |
وأُديرُ عيني عن سَنَاكِ مُشيحةً | ما أنتِ الاّ طيفُ ضوءٍ خادعِ |
وأصوغُ من أحلامِ قلبي جَنّةً | تُغْني حياتي عن سَنَاكِ الّلامعِ |
نحنُ ، الخياليّينَ ، في أرواحنا | سرُّ الأَلوهةِ والخُلودِ الضائعِ |
**** | **** |
لا تَنْشُري الأضواءَ فوق خميلتي | ان تُشرقي ، فلغيرِ قلبي الشاعرِ |
ما عاد ضوؤكِ يستثيرُ خوالجي | حَسْبي نجومُ الليلِ تُلْهِمُ خاطري |
هنّ الصديقاتُ السواهرُ في الدُجَى | يفهمن روحي وانفجارَ مشاعري |
ويُرِقْن في جَفْني خُيـوطَ أشعَّةٍ | فَضيَّةٍ ، تحتَ المساءِ الساحـر |
**** | **** |
ألليلُ ألحانُ الحياة وشِعْرُهــا | ومَطَافُ آلهةِ الجَمـالِ اُلملْهِمِ |
تهفو عليه النفسُ غير حبيسةٍ | وتحلّق الأرواحُ فوقَ الأْنجُمِ |
كم سِرْتُ تحتَ ظَلامه ونجومِهِ | فنسِيتُ أحزانَ الوجودِ المُظْلمِ |
وعلى فمي نَغَمٌ إِلهيُّ الصَدَى | تُلْقيهِ قافلةُ النجومِ على فمي |
كم رُحْتُ أرقبُ كلَّ نجمٍ عابرٍ | وأصوغُ في غَسَق الظلامِ ملاحني |
أو أرقبُ القَمَرَ المودِّعَ في الدُجى | وأهيمُ في وادي الخيــال الفاتنِ |
ألصمتُ يبعَثُ في فؤادي رعشةً | تحت المساء المُدْلهمّ الساكــنِ |
والضوءُ يرقُصُ في جفوني راسماً | في عُمْقها أحلامَ قلبٍ آمــــنِ |
**** | **** |
يا شمسُ ، اما أنتِ .. ماذا ؟ ما الذي | تلقاهُ فيكِ عواطفي وخواطـــري ؟ |
لا تَعْجَبي ان كنتُ عاشقةَ الدُجــى | يا ربَّةَ اللّهَبِ المذيبِ الصاهــــر |
يا من تُمَزِّقُ كلَّ حُلْمٍ مُشْــــرقٍ | للحالمينَ وكـــلَّ طيفٍ ساحــرِ |
يا من تُهدِّمُ ما يشيّدُهُ الدُجــــى | والصمْتُ في أعماق قلب الشاعـرِ |
أضواؤكِ المتراقصاتُ جميعُهــا | يا شمسُ أضعفُ من لهيب تمرُّدي |
وجنونُ نارِكِ لن يمزّقَ نغمتــي | ما دام قيثاري المغرِّدُ في يــدي |
فإِذا غَمرْتِ الأرضَ فَلْتَتَذكَّــري | أَني سأخلي من ضيائكِ مَعْبــدي |
وسأدِفنُ الماضـــيْ الذي جَلَّلتِهِ | ليخيِّمَ الليلُ الجميلُ علــى غَدِي |