اليك ما شاهدت عيني من العجب
اليك ما شاهدت عيني من العجب | في مسرح ماح بين الجدّ واللعبِ |
خافوا به أن تقومَ الأسدُ واثبة | حتى بَنوا حاجزاً فيه من الخشب |
وحصنوه من الاعلى بمشتبك | من الحبال جديل غير منقضب |
به الأسود تمطى في مرابضها | والنمر يخطر بين الخوف والغضب |
والذئب يبصر جدى المعز مقترباً | منه فيرجع عنه غير مقترب |
اما الكلاب فجاءت وهي كاسية | يرقصن منتصباً في إثر منتصب |
قامت على أرجل تمشي معلمة | مشي المليحة في ابرادها القشب |
تخشى مؤدبها والصولجانُ له | في الكف فرقعة كالرعد في السحب |
ترنو إليه بعين الخوف فاعلة | ما كان يُصدِر من أمر ومن طلب |
خضعن للسوط حتى إن أعقدَها | لو يأمر السوط يغدو مرسلَ الذنَب |
وكانت الاسد تجرى في اطاعتها | مجرى الكلاب بحكم الخوف والرَهب |
كأنما الليثُ لم يُخلق أخا ظُفر | محدد الناب قذافاً الى العطب |
شاهدته مشهداً بدعا علمتُ به | أن الغرائز لم تطبع على الشغب |
وان ليث البرايا الشرى ما صيغ مفترساً | لكن احالته فرَّاساً يد السغب |
وكم من الناس من راح مندفعاً | بدافع الجوع نحو القتل والسلب |
وان تربية الانسان يرجعه | اكسيرها وهو من تُربْ الى الذهب |
هذا إذا حَسُنَتْ أما إذا قبحت | فالمَندَليُّ بها يمسي من الحطب |
فكل ما هو في الانسان مكتسب | فلا تقل شئ غير مكتسب |
انى ارى اسوأ الآباء تربية | للابن أحرى بأن يُدعى أعقَّ أب |
والمرءُ كالنبت ينمو حَسْب تربته | وليس ينبت نبعٌ مَنبِتَ الغرَب |
من عاش في الوسط الزاكي زكا خلقاً | حتى علا في المعالى ارفع الرتب |
فاحرص على أدب تحيا النفوس به | فانما قيمة الانسان بالادب |