لعمرك ان قصر البحر قصر
لعمرك ان قصر البحر قصر | به يسلو مواطنه الغريب |
وتمتلئ العيون به ابتهاجاً | اذا نظرت وتنشرح القلوب |
أحاط به فكان له رقيباً | مناظر دونها العجب العجيب |
فمن شمس يصافحها طلوع | ومن شمس يعانقها غروب |
ومن سُفن تجيء بها شمال |
|
ومن سفن تروح بها جنوب | |
وأخرى حوله خمدت لظاها | وأخرى في الفؤاد بها لهيب |
أطل على المياه فقابلته | بوجه لا يمازجه شحوب |
يقبل جانبيه البحر حتى | كأن البحر مشغوف كئيب |
وهذا القصر بينهم خطيب | ومغناه الانيق له حبيب |
وما هذا التموج من هواء | ولكن من هوى ً فهو الوجيب |
كأن الموج في الدأماء رجال | مهذا القصر تصفيق مهيب |
تلمُّ به المسرات ازدياراً | فتعرفه وتجهله الكروب |
وما انفردت به بيروت حسنا | ولكن القصور بها ضروب |
فها هو من تكاسل قاطنيه | تجرّ عليه كلكلها الخطوب |
إذا تدعو الرجالَ به لخير | يجيبك من تخاذلهم مجيب |
فيا لهفي على بغداد امست | من العمران ليس لها نصيب |
سأبكي ثم استبكي عليها | اذا نضبت من العين الغروب |
أيا بغداد لا جازتك سحب | ولا حلّت بساحتك الجدوب |
تطاول ساكنوك على َّ ظلماً | فضاق على َّ مغناك الرحيب |
وكم نطقوا بالسنة حداد | يسيل بها من الأشداق حُوب |
رماني القوم بالالحاد جهلاً | وقالوا عنده شك مريب |
ألا يا قوم سوف يجد جِدى | وسوف يخيب منكم من يخيب |
فمن ذا منكم قد شق قلبي | وهل كُشفت لكم فيَّ الغيوب |
فعند الله لي معكم وقوف | إذا بلغت حَناجرَها القلوب |
يقيني شرّ فريتكم يقيني | بأن الله مطلع رقيب |
ولم تُخفر لكم عندي ذِمام | ولكن عادة الريح الهبوب |