نزلت تجر إلى الغروب ذيولا
نزلت تجر إلى الغروب ذيولا | صفراءُ تشبه عاشقا مَبتولا |
تهتز بين يد المغيب كأنها | صب تململ في الفراش عليلا |
ضحكت مشارقها بوجهك بكرة | وبكت مغاربها الدماء اصيلا |
مذحان في نصف النهار دلوكها | هبطت تزيد على النزول نزولا |
قد غادرت كبد السماء منيرة | تدنو قليلا للافول قليلا |
حتى دنت نحو المغيب ووجهها | كالورس حال به الضياء حيولا |
وغدت باقصى الافق مثل عرارة | عطِشت فأبدت صفرة وذبولا |
غَرَبت فأبقت الشُّواظَ عَقيبها | شفقا بحاشية السماء طويلا |
شفق يروع القلب شاحب لونه | كالسيف ضمخ بالدما مسلولا |
يحكى دم المظلوم ما زَجَ أدمعاً | هملت به عين اليتيم همولا |
رقت اعاليه واسفله الذى | في الأفق أشبِعُ عُصفراً محلولا |
شفق كأن الشمس قد رفعت به | ردنا بذوب ضيائها مبلولا |
كالخود ظلت يوم ودّع إلفها | ترنو وترفع خَلفه المِنديلا |
حتى توارت بالحجاب وغادرت | وجه البسيطة كاسفاً مخذولا |
فكأنها رجل تخرم عزه | قرع الخطوب له فعاد ذليلا |
وانحط من غُرف النباهة صاغراً | وأقام في غار الهوان خمولا |
لم انس قرب الاعظمية موقفي | والشمس دانية تريد افولا |
وعن اليمين أرى مُروج مَزارع | وعن الشمال حدائقا ونخيلا |
وتروع قلبي للدوالي نعرة | في البين يحسبها الحزين عويلا |
ووراء ذاك الزرع راعي ثلة | رجعت تؤم الى المراح قفولا |
وهناك دون برذونتين قد اثنى | بهما العشيَّ من الكراب نحيلا |
وبمنتهى نظري دخان صاعد | يعلو كثيرا تارة وقليلا |
مد الفروع الى السماء ولم يزل | بالارض متصلا يمد اصولا |
وتراكبت في الجوِّ سُود طباقه | تحكي تلولا قد حملن تلولا |
فوقفتُ أرسل في المحيط المدَى | نظرا كما نظر السقيم كليلا |
والشمس قد غربت ولما ودعت | ابكت حزونا بعدها وسهولا |
غابت فأوحشتِ الفضاء بكدرة | سقِم الضياء بها فزاد نحولا |
حتى قضت رُوح الضياء ولم يكن | غير الظلام هناك عزرائيلا |
وأتى الظلامُ دُجنة فدجنة | يُرخي سدولاً جمة فسدولا |
ليل بغيهبه الشخوصُ تلفعت | فظَلِلت أحسِب كل شخص غولا |
ثم انثنيت اخوض غمر ظلامه | وتخِذت نجم القطب فيه دليلا |
إن كان أوحشني الدجى فنجومه | بعثت لتؤنسني الضياءَ رسولا |
سبحان من جعل العوالم أنجما | يسبحن عرضا في الاثير وطولا |
كم قد تصادمتِ العقول بشأنها | وسعت لتكشف سرها المجهولا |
لا تحتقر صِغر النجوم فإنما | ارقى الكواكب ما استبان ضئيلا |
دارت قديما في الفضاء رحى القوى | فغدا الاثير دقيقها المنخولا |
فاقرأ كتاب الكون تلق بمتنه | آيات ربك فصلت تفصيلا |
ودع الظنون فلا وربك انها | لم تغن من علم اليقين فتيلا |