كلُّ ابن ادم مقهورٌ بعادات
كلُّ ابن ادم مقهورٌ بعادات | لهنَّ ينقاد في كل الإرادات |
يجرى عليهن فيما يبتغيه ولا | ينفكُّ عنهن حتى في الملذات |
قد يستلذُّ الفتى مااعتاد من ضرر | حتى يرى في تعاطيه المسرات |
عادات كل امرئٍ تأبى عليه بان | تكون حاجاته إلا كثيرات |
أني لفى أسر حاجاتي ومن عجب | تعودي ما به تزداد حاجاتي |
كل الحياة افتقار لا يفارقها | حتى تنال غناها بالمنيات |
ولو لم تكن هذا العادات قاهرة | لما أسيغت بحال بنت حانات |
ولا رأيت سكارات يدخنها | قوم بوقت انفرادٍ واجتماعات |
ان الدخان لثان في البلاءِ اذا | ما عدت الخمر اولى في البليات |
وربَّ بيضاءَ قيدِ الأصبع احترقت | في الكف وهي احتراق في الحشاشات |
ان مرَّ بين شفاهِ القوم اسودُها | ألقى اصفراراً على بيض الثنيات |
وليتها كان هذا حظّ شاربها | ولو أتتهُ بحدّ المشرقيات |
عوائد عمت الدنيا مصائبها | وانما انا في تلك المصيبات |
إن كلَّفتني السكارى شرب خمرتهم | شربت لكن دخاناً من سكاراتي |
وأخترت أهون شر بالدخان وإن | احرقت ثوبي منه بالشرارات |
وقلت يا قوم تكفيكم مشاركتي | إياكم في التذاذ بالمضرات |
إني لأمتصُّ جمراً لُفَّ في وَرَق | إذ تشربون لهيباً ملءَ كاسات |
كلاهما حُمُق يفتر عن ضرر | يسم من دمنا تلك الكريات |
حسبي من الحمق المعتاد أهونه | إن كان لابد من هذي الحماقات |
يا من يدخن مثلي كل آونة | لمني ألمك ولا ترض اعتذاراتي |
إن العوائد كالأغلال تجمعنا | على قلوب لنا منهنَّ أشتات |
مقيَّدين بها نمشي على حذر | من العيون فنأتي بالمداجاة |
قد ننكر الفعل لم تألفه عادتنا | وان علمناه من بعض المباحات |
ورب شنعاء من عاداتنا حسنت | في زعمنا وهي من أجل الشناعات |
عناكبُ الجهل كم ألْقت بأدمغة | من الأنام نسيجاً من خرافات |
فحرَّموا وأحلوا حسب عادتهم | وشوَّهوا وجه أحكام الديانات |
حتى تراهم يرون العلم منقصة | عند النساء وان كن العفيفات |
وحجوبهن خوف العار ليتهم |
|
لم تحصِ سيئة َ العادات مقدرتي | مهما تفننت منها في عباراتي |
فكم لها بدع سود قد اصطدمت | في الناس منهن آفات بآفات |
لو لم يك الدهر سوقاً راج بأطلها | ما راجت الخمر في سوق التجارات |
ولااستمر دخان التبغ منتشراً | بين الورى وهو مطلوب كاقوات |
لو استطعت جعلت التبغ محتكراً | فوق احتكار له أضعاف مرات |
وزدتُ أضعافَ أضعاف ضريبته | حتى يبيعوه قيراطاً ببدرات |
فيستريح فقير القوم منه ولا | يبلى به غيرُ مثرِ ذي سفاهات |
الحُرُّ مَن خرق العادات منتهجاً | نهج الصواب ولو ضدِّ الجماعات |
ومن إذا خذل الناسُ الحقيقة عن | جهل أقام لها في الناس رايات |
ولم يخفْ في اتباع الحق لائمة |
|
وعامل الناس بالإنصاف مدرعاً | ثوب الاخوة من نسج المساواة |
فاغبى البرية أرفاهم لعادته | وأعقل الناس خُرَّاق لعادات |