اسقني من مدامة القدوس
اسقني من مدامة القدوس | فهي ملء الدنان ملء الكؤوس |
وأدرها علي بين الندامى | من قيام بسكرها وجلوس |
صرف راح بشربها كم أميتت | من نفوس وأحييت من نفوس |
بكر دن عتيقة قد أعادت | بالتدابير عهد جالينوس |
قام يسعى بها المليح علينا | ذو محيا يفوق ضوء الشموس |
فخرجنا بنشأة السكر منها | عن جميع المعقول والمحسوس |
وشهدنا هنالك السر يبدو | بالتجلي من غيبة المحروس |
وبه لا بنا معاينة قامت | بالإشارات في حروف الطروس |
ثم لا مسجد ولا بيت نار | هو للمسلمين أو للمجوس |
شمعة النور لم تزل في اشتعال | وعليها الجميع كالفانوس |
وهو ستر الأشياء بالنص فان | في عيون المحقق المطموس |
والسوى في القيود من كل شيء | ليس ينفك أسرها والحبوس |
إن بشر قد مس كان يؤوسا | وبخير إن مس غير يؤوس |
قم لصافي الكؤوس وانشق شذاها | أنديمي واستجل وجه العروس |
هذه حضرة المنى والتهاني | فاغنم السعد مذهبا للنحوس |
واستمع آلة الدفوف إشارا | ببديع الترنم المأنوس |
وتنصت لصوت ناي رخيم | إنما ذاك رقية المأيوس |
واعشق الجنك والرباب سماعا | وتعلم كيف انحناء الرؤوس |
إنما العيش بالمعازف عيش | في نظير المذوق والملموس |
جنة عجلت لقوم كرام | ما بهم من خب ولا من شموس |
يتثنون في رياض علوم | مزهرات بحضرة القدوس |
وعليهم سرادق الغيب مدت | دائما للحفاظ من كل بوس |
فهم القوم لا سواهم وهيهات يقاس الرئيس بالمرؤوس | … |