أنظريها تجديها زهرا
أنظريها تجديها زهرا | واقرئيها تجديها فكرا |
تلك أشباه المنى في لطفها | لبست حسنا فجاءت صورا |
من غذاء النور من سقي الندى | من حنو الليل من ضم الثرى |
من هزيز الريح في تسيارها | من مناغاة الدراري في السرى |
خرد الروض ملاح زانها | خفر الطهر وزن الخفرا |
ليس يدري من يرى أشكالها | ويرى ألوانها والحبرا |
أيرى في البعض منها شفقا | أم يرى في البعض منها سحرا |
أم يرى الكم سرورا نابتا | أم يرى النوار نورا عطرا |
إنما الزهرة خلق عجب | فطرة سمحاء تسمو الفطرا |
خلقت للخير خلقا صافيا | جاوز الضيم وفاق الغيرا |
شأنها تضحية النفس ولا | شيء غير النفع تبغي وطرا |
شيمة فادية شرفها | شارب الموت فداء للورى |
فلغير الحب ذابت ذهبا | حين تأسى أو تذكت مجمرا |
ولغير الفخر حلاها الندى | ولغير الذكر فاحت عنبرا |
وسمت أن تتباهى وأبت | أن يطيل الناس عنها السيرا |
من دعاها عادلا أو ظالما | للمروءات دعا مبتدرا |
فلمن جاور أهدت نفحة | ولمن طالع أسدت منظرا |
وأباحت جيدها من يبتغي | سلوة أو زينة أو مظهرا |
هي أنس المرء في وحشته | وهي الصفو له إن كدرا |
وهي القبلة في مرشف من | شاقه لثم حبيب هجرا |
وهي النفحة يستشفي بها | من تلظى وجده مستعرا |
وهي التحفة في العرس لمن | آثر المهر الأحب الأطهرا |
قالت الوردة ذات النهي | والأمر في الزهر |
يا وصيفاتي بنات النور | والقطر في الفجر |
أختنا شمس البنات الخرد | الزهر في العصر |
من غد تبرح خدر الكاعب | البكر في طهر |
وتوافي دار بعل صادق | حر في فخر |
أنا أهواها وتهواني | في الجهر والسر |
أسعفيني يا أخيات الهوى | العذري في أمري |
ننتظم في شبه تاج باهر | يزري بالدر |
ونكن أبهى هدايا الود | والذكر في المهر |
للمفداة عروس الحسن | والشعر في مصر |
سرت الأزهار لما سمعت | ذلك النطق الذكي الاذفرا |
واستقرت ليلها هاجعة | فرأت حلما جميلا في الكرى |
أبصرت عرسا بهيجا حافلا | جامعا من كل جيل معشرا |
عقد العطر سحابا ناصعا | فاشيا بينهم منتشرا |
تلمع الأنوار في أثنائه | وتباهي الوجنات الغررا |
ولحاظ القوم فيه تلتقي | مرسلات أسهما أو شررا |
فتية مرد وشيب تركت | كرة الدهر عليهم أثرا |
وحسان مسن أغصانا ولم | تكد الأوراق تخفي الثمرا |
في جلابيب سرور وعلى | كل وجه نجم سعد سفرا |
تنجلي فيهم عروس ملك | نحجب العفة عنها النظرا |
بين أتراب حواليها كما | صحبت غر النجوم القمرا |
مجمع يحفل مهتزا لها | فرحا في عيدها مستبشرا |
ظلت الرؤيا إلى أن لمست | راحة الفجر الدجى فانحسرا |
وجلت عن يوم صفو شائق | ذلك الستر المشوب الأغبرا |
فتغنى الطير تبشيرا به | وكسى الأفق الرداء الأزهرا |
وبنات الروض وافين إلى | محضر العرس فزن المحضرا |
جئن قربانا وكل وهبت | ربة الدار صباها الأنضرا |
ودعت كل بسعد دائم | للعروسين دعاء مضمرا |
قالت الوردة يا شاعرنا | إننا اخترناك دون الشعرا |
أتل عنا ما أذعناه شذا | وابتساما فتلا مؤتمرا |
باسم المليكة في الأزاهر | ذات الجلالة والبهاء |
يهدي إليك بيان شاعر | أذكى التهانيء والدعاء |