ردوا عليَّ الصبا منْ عصريَ الخالي
ردوا عليَّ الصبا منْ عصريَ الخالي | وَهَلْ يَعُودُ سَوَادُ اللِّمَة ِ الْبَالِي؟ |
ماضٍ منَ العيش ، ما لاحتْ مخايلهُ | في صفحة ِ الفكرْ إلاَّ هاجَ بلبالي ؟ |
سلتْ قلوبٌ ؛ فقرتْ في مضاجعها | بَعْدَ الْحَنِينِ، وَقَلْبِي لَيْسَ بِالسَّالِي |
لمْ يدرِ منْ باتَ مسروراً بلذتهِ | أني بنارِ الأسى منْ هجرهِ صالي |
يا غاضبينَ علينا ! هلْ إلى عدة ٍ | بالوصلِ يومٌ أناغي فيهِ إقبالي |
غِبْتُمْ؛ فَأَظْلَمَ يَوْمِي بَعْدَ فُرْقَتِكُمْ | وَ ساءَ صنعُ الليالي بعدَ إجمالِ |
قَدْ كُنْتُ أَحْسِبُني مِنْكُمْ عَلى ثِقَة ٍ | حتى منيتُ بما لمْ يجرِ في بالي |
لَمْ أَجْنِ فِي الْحُبِّ ذَنْباً أَسْتَحِقُّ بِهِ | عتباً ، ولكنها تحريفُ أقوالِ |
وَ منْ أطاعَ رواة َ السوءِ – نفرهُ | عَنِ الصَّدِيقِ سَمَاعُ الْقِيلِ وَالْقَالِ |
أدهى المصائبِ غدرٌ قبلهُ ثقة ٌ | وَأَقْبَحُ الظُّلْمِ صَدٌّ بَعْدَ إِقْبَالِ |
لا عيبَ فيَّ سوى حرية ٍ ملكتْ | أعتني عنْ قبولِ الذلَّ بالمالِ |
تبعتُ خطة َ آبائي ؛ فسرتُ بها | عَلى وَتِيرَة ِ آدَابٍ وَآسَالِ |
فَمَا يَمُرُّ خَيَالُ الْغَدْرِ فِي خَلَدِي | وَلاَ تَلُوحُ سِمَاتُ الشَّرِّ فِي خَالِي |
قلبي سليمٌ ، ونفسي حرة ٌ وَ يدي | مأمونة ٌ ، وَ لساني غيرُ ختالِ |
لَكِنَّني فِي زَمَانٍ عِشْتُ مُغْتَرِباً | في أهلهِ حينَ قلتْ فيهِ أمثالي |
بَلَوْتُ دَهْرِي؛ فَمَا أَحْمَدْتُ سِيرتَهُ | في سابقٍ من لياليهِ ، وَ لاَ تالي |
حَلَبْتُ شَطْرَيْهِ: مِنْ يُسْرٍ، وَمَعْسُرَة ٍ | وَذُقْتُ طَعْمَيْهِ: مِنْ خِصْبٍ، وَإِمْحَالِ |
فَمَا أَسِفْتُ لِبُؤْسٍ بَعْدَ مَقْدُرَة ٍ | وَ لاَ فرحتُ بوفرٍ بعدَ إقلالِ |
عَفَافَة ٌ نَزَّهَتْ نَفْسِي؛ فَمَا عَلِقَتْ | بلوثة ٍ منْ غبارِ الذمَّ أذيالي |
فاليومَ لا رسني طوعُ القيادِ ، ولاَ | قَلْبِي إِلَى زَهْرَة ِ الدُّنْيَا بِمَيَّالِ |
لَمْ يَبْقَ لِي أَرَبٌ فِي الدَّهْرِ أَطْلُبُهُ | إلاَّ صحابة ُ حرًّ صادقِ الخالِ |
وَأَيْنَ أُدْرِكُ مَا أَبْغِيهِ مِنْ وَطَرٍ | وَ الصدقُ في الدهرِ أعيا كلَّ محتالِ ؟ |
لا في ” سرنديبَ ” لي إلفٌ أجاذبهُ | فضلَ الحديثِ ، وَ لاَ خلٌّ ؛ فيرعى لي |
أبيتُ منفرداً في رأس شاهقة ٍ | مثلَ القطاميَّ فوقَ المربإِ العالي |
إذا تلفتُّ لمْ أبصرْ سوى صورٍ | فِي الذِّهْنِ، يَرْسُمُها نَقَّاشُ آمالِي |
تهفو بيَ الريحُ أحياناً ، ويلحفني | بردُ الطلالِ ببردٍ منهُ أسمالِ |
فَفِي السَّمَاءِ غُيُومٌ ذَاتُ أَرْوِقَة ٍ | وَ في الفضاءِ سيولٌ ذاتُ أوْ شالِ |
كَأَنَّ قَوْسَ الْغَمَامِ الْغُرِّ قَنْطَرَة ٌ | معقودة ٌ فوقَ طامي الماءِ سيالِ |
إذا الشعاعُ تراءى خلفها نشرتْ | بَدَائِعاً ذَاتَ أَلْوَانٍ وَأَشْكَالِ |
فَلَوْ تَرَانِي وَبُرْدِي بِالنَّدَى لَثِقٌ | لخلتني فرخَ طيرٍ بينَ أدغالِ |
غَالَ الرَّدَى أَبَوَيْهِ؛ فَهْوَ مُنْقَطِعٌ | فِي جَوْفِ غَيْنَاءَ، لاَ رَاعٍ، وَلاَ وَالِي |
أزيغبَ الرأس ، لمْ يبدُ الشكيرُ بهِ | وَ لمْ يصنْ نفسهُ منْ كيدِ مغتالِ |
كَأَنَّهُ كُرَة ٌ مَلْسَاءُ مِنْ أَدَمٍ | خَفِيَّة ُ الدَّرْزِ، قَدْ عُلَّتْ بِجِرْيالِ |
يظلُّ في نصبٍ ، حرانَ ، مرتقباً | نَقْعَ الصَّدَى بَيْنَ أَسْحَارٍ وآصَالِ |
يكادُ صوتُ البزاة ِ القمرِ يقذفه | مِنْ وَكْرِهِ بَيْنَ هَابِي التُّرْبِ جَوَّالِ |
لا يستطيعُ انطلاقاً منْ غيابتهِ | كأنما هوَ معقولٌ بعقالِ |
فذاكَ مثلي ، وَ لمْ أظلمْ ، وربتما | فضلتهُ بجوى حزنٍ ، وإعوالِ |
شَوْقٌ، وَنَأْيٌ، وَتَبْرِيحٌ، وَمَعْتَبَة ٌ | يا للحمية ِ منْ غذري وإهمالي |
أصبحتُ لا أستطيعُ الثوبَ أسحبهُ | وَقَدْ أَكُونُ وَضَافِي الدِرْعِ سِرْبَالِي |
وَ لاَ تكادُ يدي شبا قلمي | وَكَانَ طَوْعَ بَنَانِي كُلُّ عَسَّالِ |
فَإِنْ يَكُنْ جَفَّ عُودِي بَعْدَ نَضْرَتِهِ | فَالدَّهْرُ مَصْدَرُ إِدْبَارٍ وَإِقْبَالِ |
وَإِنْ غَدَوْتُ كَرِيمَ الْعَمِّ وَالْخَالِ | بصدقِ ما كانَ منْ وسمي وَ إغفالي |
راجعتُ قهرسَ آثاري ، فما لمحتْ | بصيرتي فيهِ ما يزري بأعمالي |
فَكَيْفَ يُنْكِرُ قَوْمِي فَضْلَ بَادِرَتِي | وَقَدْ سَرَتْ حِكَمي فِيهِمْ، وَأَمْثَالِي؟ |
أنا ابن قولي ؛ وحسبي في الفخارِ بهِ | وَ إنْ غدوتُ كريمَ العممَّ وَ الخالِ |
وَلِي مِنَ الشِّعْرِ آيَاتٌ مُفَصَّلَة ٌ | تلوحُ في وجنة ِ الأيامِ كالخالِ |
ينسى لها الفاقدُ المحزونُ لوعتهُ | و يهتدى بسناها كلُّ قوالِ |
فانظرْ لقولي تجدْ نفسي مصورة ً | فِي صَفْحَتَيْهِ؛ فَقَوْلِي خَطُّ تِمْثَالِي |
وَ لاَ تغرنكَ في الدنيا مشاكلة ٌ | بينَ الأنامِ ؛ فليسَ النبعُ كالضالِ |
إِنَّ ابْنَ آدَمَ لَوْلاَ عَقْلُهُ شَبَحٌ | مُرَكَّبٌ مِنْ عِظَامٍ ذَاتِ أَوْصَالِ |