يا من يحن إلى نجد وناديها
يا من يحن إلى نجد وناديها | غرناطة قد ثوت نجد بواديها |
قف بالسبيكة وانظر ما بساحتها | عقيلة والكثيب الفرد جاليها |
تقلدت بوشاح النهر وابتسمت | أزهارها هي حلي في تراقيها |
وأعين النرجس المطلول يانعة | ترقرق الطل دمعا في مآقيها |
وافتر ثغر أقاح من أزاهرها | مقبلا خد ورد من نواحيها |
كأنما الزهر في حافاتها سحرا | دراهم والنسيم اللدن يجبيها |
وانظر إلى الدوح والأنهار تكنفها | مثل الندامى سواقيها سواقيها |
كم حولها من بدور تجتني زهرا | فتحسب الزهر قد قبلن أيديها |
حصباؤها لؤلؤ قد شف جوهرها | والنهر قد سال ذوبا من لآليها |
نهر المجرة والزهر المطيف به | زهر النجوم إذا ما شئت تشبيها |
يزيد حسنا على نهر المجرة قد | أغناه در حباب عن دراريها… |
يدعى المنجم رائيه وناظره | مسميات أبانتها أساميها |
إن الحجاز مغانيه بأندلس | ألفاظها طابقت منها معانيها |
فتلك نجد سقاها كل منسجم | من الغمام يحييها فيحييها |
وبارق وعذيب كل مبتسم | من الثغور يجليها مجليها |
وإن أردت ترى وادي العقيق فرد | دموع عاشقها حمرا مجاريها |
وللسبيكة تاج فوق مفرقها | تود در الدراري لو تحليها |
فإن حمراءها والله يكلؤها | ياقوتة فوق ذاك التاج يعليها |
إن البدور لتيجان مكللة | جواهر الشهب في أبهى مجاليها |
لكنها حسدت تاج السبيكة | إذ رأت أزاهره زهرا يجليها… |
بروجها لبروج الأفق مخجلة | فشهبها في جمال لا تضاهيها |
تلك القصور التي راقت مظاهرها | تهوى النجوم قصورا عن معاليها |
لله لله عينا من رأى سحرا | تلك المنارة قد رقت حواشيها |
والصبح في الشرق قد لاحت بشائره | والشهب تستن سبقا في مجاريها |
تهوي إلى الغرب لما غالها سحر | وغمض الفجر من أجفان واشيها |
وساجع العود في كف النديم إذا | ما استوقفت ساجعات الطير يغريها |
يبدي أفانين سحر في ترنمه | يصبي العقول بها حسنا ويسبيها |
يجسه ناعم الاطراف تحسبها | لآلئا هي نور في تلاليها |
مقاتل بلحاظ قوس حاجبها | ترمي القلوب بها عمدا فتصميها |
فباكر الروض والأغصان مائلة | يثني النفوس لها شوقا تثنيها |
لم يرقص الدوح بالأكمام من طرب | حتى شدا من قيان الطير شاديها |
واسمعتها فنون السحر مبدعة | ورق الحمام وغناها مغنيها |
غرناطة آنس الرحمن ساكنها | باحت بسر معانيها أغانيها |
أعدى نسيمهم لطفا نفوسهم | فرقة الطبع طبع منه يعديها |
فخلد الله ايام السرور بها | صفرا عشياتها بيضا لياليها |
وروض المحل منها كل منبجس | إذا اشتكت بقليل الجدب يرويها |
يحكي الخليفة كفا كلما وكفت | بالجود فوق موات الأرض يحييها |
تغني العفاة وقد أمت مكارمه | عن السؤال وبالإحسان يغنيها |
لها بنان فلا غيث يساجلها | جودا ولا سحبه يوما تدانيها |
فإن تصب سحبه بالماء حين همت | بعسجد ولجين صاب هاميها |
يا ايها الغوث أنت الغوث في زمن | ملوكه تلفت لولا تلافيها |
إن الرعايا جزاك الله صالحة | ملكت شرقا وغربا من يراعيها |
إن الخلائق في الاقطار أجمعها | سوائم أنت في التحقيق راعيها |
فكل مصلحة للخلق تحكمها | وكل صالحة في الدين تنويها |
إذا تيممت أرضا وهي مجدبة | فرحمة الله بالسقيا تحييها |
يا رحمة بثت الرحمى بأندلس | لولاك زلزلت الدنيا بمن فيها |
في فضل جودك قد عاشت مشيختها | في ظل أمنك قد نامت ذراريها |
في طول عمرك يرجو الله آملها | بنصر ملكك يدعو الله داعيها |
عوائد الله قد عودت أفضلها | لتبلغ الخلق ما شاءت أمانيها |
سل السعود وخل البيض مغمدة | واضرب بها فرية التثليث تفريها |
لله أيامك الغر التي اطردت | فيها السعود بما ترضى ويرضيها |
لله دولتك الغراء إن لها | لكافلا من إله العرش يكفيها |
هيهات أن تبلغ الأعداء مأربة | في جريها وجنود الله تحميها |
هذي سيوفك في الأجفان نائمة | والمشركون سيوف الله تفنيها |
سريرة لك في الإخلاص قد عرفت | حسنى عواقبها حتى أعاديها |
لم يحجب الصبح شهب الأفق عن بصر | إلا وهديك للأبصار يبديها |
يا ابن الملوك وأبناء الملوك إذا | تدعو الملوك إلى طوع تلبيها |
ابناء نصر ملوك عز نصرهم | وأوسعوا الخلق تنويها وترفيها |
هم المصابيح نور الله موقدها | تضيء للدين والدنيا مشاكيها |
هم النجوم وأفق الهدي مطلعها | فوزا لمهديها عزا لهاديها |
هم البدور كمال ما يفارقها | هم الشموس ظلام لا يواريها |
قضت قواضبها أن لا انقضاء لها | وأمضت الحكم في الأعدا مواضيها |
وخلدت في صفاح الهند سيرتها | وأسندت عن عواليها معاليها |
وأورثتك جهادا أنت ناصره | والأجر منك يرضيها ويحظيها |
كم موقف ترهب الأعداء موقفه | والخيل تردي ووقع السمر يرديها |
ثارت عجاجته واليوم محتجب | والنقع يؤثر غيما من دياجيها |
وللأسنة شهب كلما غربت | في الدار عين تجلت من عواليها |
وللسيوف بروق كلما لمعت | تزجي الدماء وريح النصر يزجيها |
أطلعت وجها تريك الشمس غرته | تبارك الله ما شمس تساميها |
من أين للشمس نطق كله حكم | يفيدها كل حين منك مبديها |
لك الجياد إذا تجري سوابقها | فللرياح جياد ما تجاريها |
إذا انبرت يوم سبق في أعنتها | ترى البروق طلاحا لا تباريها |
من أشهب قد بدا صبحا تراع له | شهب السماء فإن الصبح يخفيها |
إلا التي في لجام منه قيدها | فإنه سامها عزا وتنويها |
أو اشقر مر عن شقر البروق وقد | ابقى لها شفقا في الجو تنبيها |
أو أحمر جمره في الحرب متقد | يعلوا لها شرر من بأس مذكيها |
لون العقيق وقد سال العقيق دما | بعطفه من كماة كر يدميها |
أو أدهم ملء صدر الليل تنعله | أهلة فوق وجه الأرض يبديها |
إن حارت الشهب ليلا في مقلده | فصبح غرته بالنور يهديها |
أو اصفر بالعشيات ارتدى مرحا | وعرفه بتمادي الليل ينبيها |
مموه بنفار تاه من عجب | فليس يعدم تنويها ولا تيها |
ورب نهر حسام رق رائقه | متى ترده نفوس الكفر يرديها |
تجري الرؤوس حبابا فوق صفحته | وما جرى غير أن البأس يجريها |
وذابل من دم الكفار مشربه | يجني الفتوح وكف النصر تجنيها |
وكم هلال لقوس كلما نبضت | ترى النجوم رجوما في مراميها |
أئمة الكفر ما يممت ساحتها | إلا وقد زلزلت قسرا صياصيها |
يا دولة النصر هل من مبلغ دولا | مضين أنك تحييها وتنسيها |
أو مبلغ سالف الأنصار مألكة | والله بالخلد في الفردوس يجزيها |
أن الخلافة أعلى الله مظهرها | أبقت لنا شرفا والله يبقيها |
يا ابن الذين لهم في كل مكرمة | مفاخر ولسان الدهر يمليها |
أنصار خير الورى مختار هجرته | جيران روضته أكرم بأهليها |
أسمتهم الملة السمحاء تكرمة | أنصارها وبهم عزت أواليها |
ففي حنين وفي بدر وفي أحد | تلفى مفاخرهم مشهورة فيها |
ولتسأل السير المرفوع مسندها | فعن مواقفهم تروى مغازيها |
مآثر خلد الرحمن أثرتها | ينصها من كتاب الله قاريها |
ماذا يجيد بليغ أو ينمقه | من الكلام ووحي الله تاليها |
له الجهاد به تسري الرياح إلى | ممالك الأرض من شتى أقاصيها |
تحدى الركاب إلى البيت العتيق به | فمكة عمرت منه نواديها |
بشائر تسمع الدنيا وساكنها | إذا دعا باسمك الأعلى مناديها |
كفى خلافتك الغراء منقبة | أن الإله يوالي من يواليها |
وقد أفاد بنيه الدهر تجربة | أن السعود تعادي من يعاديها |
إذا رميت سهام العزم صائبة | فما رميت بل التوفيق راميها |
شكرا لمن عظمت منا مواهبه | وإن تعد فليس العد يحصيها |
عما قريب ترى الأعياد مقبلة | من الفتوح ووفد النصر حاديها |
وتبلغ الغاية القصوى بشائرها | فقد أظلت بما ترضى مباديها |
فأهنأ بما شئت من صنع تسر به | وانو الأماني فالأقدار تدنيها |
مولاي خذها كما شاءت بلاغتها | ولو تباع لكان الحسن يشريها |
أرسلتها حيثما الارواح مرسلة | نوادرا تنشر البشرى أمانيها |
جاءت تهنيك عيد الفطر معجبة | بحسنها ولسان الصدق يطريها |
البشر في وجهها واليمن في يدها | والسحر في لفظها والدر في فيها |
لو رصع البدر منها تاج مفرقة | لم يرض در الدراري أن تحليها |
فإن تكن بنت فكري وهو أوحدها | نعماك في حجرة كانت تربيها |
في روض جودك قد طوقتني مننا | طوق الحمام فما سجعي موفيها |
ولو أعرت لسان الدهر يشكرها | لكان يقصر عن شكر شوفيها |
بقيت للدين والدنيا إمام هدى | مبلغ النفس ما ترجو أمانيها |
والسعد يجري لغايات تؤملها | ما دامت الشهب تجري في مجاريها |