لعل الصبا إن صافحت روض نعمان
لعل الصبا إن صافحت روض نعمان | تؤدي أمان القلب عن ظبية البان |
وماذا على الأرواح وهي طليقة | لو احتملت أنفاسها حاجة العاني |
وما حال من يستودع الريح سره | ويطلبها وهي النموم بكتمان |
وكالضيف استقريه في سنة الكرى | وهل تنقع الاحلام غلة ظمآن |
أسائل عن نجد ومرمى صبابتي | ملاعب غزلان الصريم بنعمان |
وأبدي إذا ريح الشمال تنفست | شمائل مرتاح المعاطف نشوان |
عرفت بهذا الحب لم أدر سلوة | وأنى لمسلوب الفؤاد بسلوان |
فيا صاحبي نجواي والحب غاية | فمن سابق جلى مداه ومن وان |
وراءكما ما اللوم يثني مقادتي | فإني عن شأن الملامة في شان |
وإني وإن كنت الأبي قياده | ليأمرني حب الحسان وينهاني |
وما زلت ارعى العهد فيمن يضيعه | وأذكر إلفي ما حييت وينساني |
فلا تنكرا ما سامني مضض الهوى | فمن قبل ما أودى بقيس وغيلان |
لي الله إما أومض البرق في الدجى | أقلب تحت الليل مقلة وسنان |
وإن سل في غمد الغمام حسامه | برى كبدي الشوق الملم واضناني |
تراءى بأعلام الثنية باسما | فأذكرني العهد القديم وأبكاني |
أسامر نجم الأفق حتى كأننا | وقد سدل الليل الرواق حليفان |
ومما أناجي الافق أعديه بالجوى | فأرعى له سرح النجوم ويرعاني |
ويرسل صوب القطر من فيض أدمعي | ويقدح زند البرق من نار أشجاني |
وضاعف وجدي رسم دار عهدتها | مطالع شهب أو مراتع غزلان |
على حين شرب الوصل غير مصرد | وصفو الليالي لم يكدر بهجران |
لئن أنكرت عيني الطلول فإنها | تمت إلى قلبي بذكر وعرفان |
ولم أر مثل الدمع في عرصاتها | سقى تربها حين استهل وأظماني |
ومما شجاني أن سرى الركب موهنا | تقاد به هوج الرياح بأرسان |
غوارب في بحر السراب تخالها | وقد سبحت فيه مواخر غربان |
على كل نضو مثله فكأنما | رمى منهما صدر المفازة سهمان |
ومن زاجر كوماء مخطفة الحشا | توسد منها فوق عوجاء مرنان |
نشاوى غرام يستميل رؤوسهم | من تبلغ الأوطار فرقة أوطان |
أجابوا نداء البين طوع غرامهم | وقد تبلغ الأوطار فرقة أوطان |
يؤمون من قبر الشفيع مثابة | تطلع منها جنة ذات أفنان |
إذا نزلوا من طيبة بجواره | فأكرم مولى ضم أكرم ضيفان |
بحيث علا الإيمان وامتد ظله | وزان حلى التوحيد تعطيل أوثان |
مطالع آيات مثابة رحمة | معاهد أملاك مظاهر إيمان |
هنالك تصفو للقبول موارد | يسقون منها فضل عفو وغفران |
هناك تؤدي للسلام أمانة | يحييهم عنها بروح وريحان |
يناجون عن قرب شفيعهم الذي | يؤمله القاصي من الخلق والداني |
لئن بلغوا دوني وخلفت إنه | قضاء جرى من مالك الأرض ديان |
وكم عزمة مليت نفسي صدقها | وقد عرفت مني مواعد ليان |
إلى الله نشكوها نفوسا أبية | تحيد عن الباقي وتغتر بالفاني |
ألا ليت شعري هل تساعدني المنى | فاترك أهلي في رضاه وجيراني |
واقضي لبانات الفؤاد بأن أرى | أعفر خدي في ثراه وأجفاني |
إليك رسول الله دعوة نازح | خفوق الحشا رهن المطالع هيمان |
غريب بأقصى الغرب قيد خطوه | شباب تقضى في مراح وخسران |
يجد اشتياقا للعقيق وبانه | ويصبو إليها ما استجد الجديدان |
وإن اومض البرق الحجازي موهنا | يردد في الظلماء أنة لهفان |
فيا مولي الرحمى ويا مذهب العمى | ويا منجي الغرقى ويا منقذ العاني |
بسطت يد المحتاج يا خير راحم | وذنبي ألجاني إلى موقف الجاني |
وسيلتي العظمى شفاعتك التي | يلوذ بها عيسى وموسى بن عمران |
فأنت حبيب الله خاتم رسله | وأكرم مخصوص بزلفى ورضوان |
وحسبك أن سماك أسماءه العلى | وذاك كمال لا يشاب بنقصان |
وأنت لهذا الكون علة كونه | ولولاك ما امتاز الوجود بأكوان |
ولولاك للافلاك لم تجل نيرا | ولا قلدت لباتهن بشهبان |
خلاصة صفو المجد من آل هاشم | ونكتة سر الفخر من آل عدنان |
وسيد هذا الخلق من نسل آدم | وأكرم مبعوث إلى الإنس والجان |
وكم آية أطلعت في أفق الهوى | يبين صباح الرشد منها ليقظان |
وما الشمس يجلوها النهار لمبصر | بأجلى ظهورا أو بأوضح برهان |
وأكرم بآيات تحديتنا بها | ولا مثل آيات لمحكم فرقان |
وماذا عسى يثني البليغ وقد أتى | ثناؤك في وحي كريم وقرآن |
فصلى عليك الله ما انسكب الحيا | وما سجعت ورقاء في غصن البان |
وأيد مولانا ابن نصر فإنه | لأشرف من ينمى لملك وسلطان |
اقام كما يرضيك مولدك الذي | به سفر الإسلام عن وجه جذلان |
سمي رسول الله ناصر دينه | معظمه في حال سر وإعلان |
ووارث سر المجد من آل خزرج | واكرم من تنمي قبائل قحطان |
ومرسلها ملء الفضاء كتائبا | تدين لها غلب الملوك بإذعان |
حدائق خضر والدروع غدائر | وما أنبتت إلا ذوابل مران |
تجاوب فيها الصاهلات وترتمي | جوانبها بالأسد من فوق عقبان |
فمن كل خوار العنان قد ارتمى | به كل مطعام العشيات مطعان |
وموردها ظمأى الكعوب ذوابلا | ومصدرها من كل أملد ريان |
ولله منها والربوع مواحل | غمام ندى كفت بها المحل كفان |
إذا أخلف الناس الغمام وأمحلوا | فإن نداه والغمام لسيان |
إمام أعاد الملك بعد ذهابه | إعادة لا نابي الحسام ولا وان |
فغادر أطلال الضلال دوارسا | وجدد بالاسلام أرفع بنيان |
وشيدها والمجد يشهد دولة | محافلها تزهى بيمن وإيمان |
وراق من الثغر الغريب ابتسامه | وهز له الإسلام أعطاف مزدان |
لك الخير ما أسنى شمائلك التي | يقصر عن إدراكها كل إنسان |
ذكاء إياس في سماحة حاتم | وإقدام عمرو في بلاغة سحبان |
أمولاي ما أسنى مناقبك التي | هي الشهب لا تحصى بعد وحسبان |
فلا زلت ياغوث البلاد وأهلها | مبلغ أوطار ممهد أوطان |